فضاءات

العراقيون وإرثهم الحضاري الراقي في التظاهر / حسين الجاف

التظاهرات اليوم تنطلق من إرث وطني غني واصيل من الشعور العالي بالمسؤولية والانضباط والالتزام بالشعارات الوطنية ونبذ التطرف الطائفي والعنصري والديني والتمسك بقضية واحدة هي الالتزام بقضايا الشعب وتطلعاته المشروعة من اجل بناء الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية الحرة والتعددية بعيدا عن كل ما يثير التفرقة والاختلاف والخصومات.
وما رأيناه خلال تظاهرات الجمعات الماضية من هدوء والتزام وتنظيم وتفاؤل وشعارات وطنية خالصة، ما هو الا دليل واضح وصارخ على حضارية الشعب المظلوم والمحروم الذي على الرغم مما ناله على ايدي حكام ما بعد 2003، من جور وتهميش وسرقة ثروات وانعدام كفاءة وغياب ضمير ونقص حرص من مسؤولي المرحلة الجديدة الذين سرقوا أحلامنا في بناء دولة الغد؛
اقول مع كل ما عاناه المتظاهرون وأهلهم ومؤيدوهم على ايدي هؤلاء الحكام، الا ان المتظاهرين تميزوا بالسلوك الحضاري المنضبط وبرباطة الجأش المشهودة وبالشعارات الوطنية الموضوعية التي تؤكد على وحدة هموم ومطالب وتطلعات الشعب في التغيير وتأسيس الدولة المدنية، وبالرغم من بعض الخروقات والاعتداءات، ظل المتظاهرون على هدوئهم ومارسوا نضالهم المشروع مؤيدين بدعم وتأييد وإسناد كل الشرفاء من أبناء الشعب العراقي العظيم.
واخيرا نقول للمتظاهرين: بوركتم ونحن معكم حتى تتحقق مطالبنا في بناء الدولة الديمقراطية المدنية الاتحادية الحرة ومع تسلل بعض الشعارات العاطفية الى التظاهرات مثل (باسم الدين باگونة الحرامية)، وغيرها الا ان السلوك الحضاري الرصين والتعابير الموزونة كانت ولا تزال ميزة هذه التظاهرات الجماهيرية الكبرى. كما ان تطوع الشبيبة الحالمة بغد ازهى واجمل للعراق والعراقيين لرفع النفايات وجمع مخلفات قناني الماء والمشروبات الغازية الفارغة، ما هو إلا شكل حضاري سليم.
مرة اخرى نبارك للمتظاهرين بكل طبقاتهم وشرائحهم واجيالهم المختلفة هذا الجهد الجمعي الاستثنائي. كما نحيي القوات المسلحة التي تعاملت معهم بنبل واحترام وكرم في ذات الوقت الذي نمجد وندعوا بالنصر لابطال القوات المسلحة والحشد الشعبي وجحافل البيشمركة والانصار والعشائر العراقية الكريمة التي تقف كالبنيان المرصوص في جبهة واحدة طويلة وكبيرة للذود عن الشعب ومستقبله وتطلعات ابنائه الخيرين المشروعة.