فضاءات

إنتفاضة الإصلاح .. حجم التعبئة ورد الفعل الجماهيري / د. سعد الصالحي

1- لم يشهد العراق طيلة تاريخه (السياسي - الإجتماعي) المعاصر، حجماً لفسادِ سلطةٍ سياسيةٍ - بأركانها الثلاث - وفشلاً كالذي مر به خلال الثلاث عشرة سنة المنصرمة، بسبب تغول الأحزاب (الدينية - السياسية) التي استحوذت على مقاليد الأمور فيه.
2- إنعكس ذلك بصورة واضحة على طبيعة الرفض الإجتماعي الذي جسدته الإنتفاضة الأخيرة - والمستمرة - والمتمثلة عبر حجم المشاركة الجماهيرية الشاملة للشرائح الإجتماعية كافة، كسبة وكادحين ومثقفين ومهنيين مختصين. وبوتيرة متصاعدة بتعدادها المتنامي في بغداد وبقية المحافظات وبخاصة الجنوبية منها.
3- لا بد من الإشارة بصراحة، أن هذه التعبئة الجماهيرية العفوية استقطبت بشكل بيِّن الطبقتين الصغيرة والمتوسطة، وأفرزت غياباً واضحاً للطبقة البرجوازية الكبيرة وهوامشها من الذيليين والنفعيين واللصوص السياسيين الكبار.
4- كان للحضور الطاغي الذي جسدته المشاركة الواسعة للكادحين والبسطاء والفقراء في هذه الإنتفاضة، تأثيره المباشر على الحس الوطني لبقية الشرائح الإجتماعية التي غلب عليها الصمت طيلة السنوات المنصرمة منذ الإحتلال عام 2003. مما شجعها على النزول إلى الشارع عفوياً في بداية الأمر، ثم تعبوياً عبر النقابات والإتحادات والجمعيات الجماهيرية والمهنية، وبخاصة المعنية بالثقافة والخدمات العامة.
5- وكان أن برزت في مقدمة الصورة (لاحقاً) اسهامة أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والكتاب والفنانين، وهم على الأعم شخصيات معروفة وكيانات كانت دائماً في طليعة الرفض والمعارضة للفساد السياسي والإجتماعي منذ العام 2003 لما تميزوا به من حس مبكر لمستقبل التجربة البائسة والخاطئة للأحزاب الدينية - السياسية وهوامشها الأكثر بؤساً منها.
6- كان لرد الفعل السلبي من قبل بعض المؤسسات السلطوية والشخصيات والكيانات السياسية.. (..) دوره الفاعل في تعبئةٍ إيجابيةٍ لأعداد غفيرة من الشرائح الإجتماعية المسحوقة، لتندفع من موقع المتفرج والمُنتظِر إلى موقع المعبَّأ ذاتياً للمشاركة في الإصرار على التغيير عبر الإنتفاضة. (هكذا يسهم الفساد في الإطاحة بنفسه ) !
7- لابد من الإشادة بدور المرأة وطليعتها من أرامل وأمهات الشهداء، والثكلات بالفقر والعوز والتهجير والبؤس، بجانب المثقفات الطليعيات وطالبات الجامعات وربات البيوت. وقد اسهم حضورهن المتميز بهتافاتهن الصريحة على إذكاء لهيب المنتفضين وحماسهم للتصعيد والإصرار. إن مسار الإنتفاضة يتجه نحو أهداف أصبحت مكتملة المعالم لكلا الطرفين (المنتفضون / والسلطة الفاسدة). وقد أكدت حصيلة التاريخ العراقي المعاصر.. أن نهاية الطغاة والفاسدين لابد منها.. وبقسوة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* شاعر وطبيب مهجر من تكريت ومقيم في بغداد