فضاءات

موجة الهجرة الى فنلندا وردود الافعال الشعبية والرسمية / يوسف أبو الفوز

في الشهور الاخيرة، واجهت أوربا موجة غير عادية من اللاجئين. وتبعا لاحصاءات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة وصل اراضيها عبر البحر،هذا العام ، اكثر من اربعمئة الف لاجيء من الفارين من الصراع والتوتر في مناطق مثل العراق وسوريا وغيرها من البلدان لتصل الى حدود اوربا بطريقة غير مشروعة. الاخبار من هيئة الاذاعة الفنلندية Yle، ووسائل الاعلام في مختلف انحاء العالم ، تحكي قصص مأساوية لألاف النساء والاطفال الذين فقدوا حياتهم في البحار في طريقهم للوصول الى السواحل الاوربية. قالت تقديرات وزارة الداخلية الفنلندية ان عدد طالبي اللجوء في فنلندا يمكن ان يصل هذا العام الى ما بين خمسة عشر الف وثلاثين الفا. وقال وزير الدااخلية بيتري أوربو Petteri Orpo الى هيئة الاذاعة الفنلندية Yle انه امر بتشكيل فريق خاص من الخبراء بسبب من الازمة المتصاعدة.
لم تكن فنلندا مستعدة لمثل هذه الارقام وليس هناك ما يكفي من مراكز الاستقبال. قال مدير وحدة الاستقبال يورما كولووفاينين Jorma Kuuluvainen من دائرة الهجرة الفنلندية للقناة الثالثة في التلفزيون الفنلندي : " لدينا فقط خمسة وعشرون مركز استقبال للاجئين وهناك حاجة ليكون العدد اربعين مركزا ". لهذا السبب في البداية تم ايواء اعداد من اللاجئين في مراكز طارئة في الفنادق او بناء خيم كبيرة لهم قرب بعض المراكز، وايضا تم استخدام مباني بعض المستشفيات كمراكز استقبال !
أيقظت موجة الهجرة الكثير من المواطنين الفنلنديين ودفعتهم للمساهمة بنشاطات ترحب باللاجئين، ونظمت مهرجانات بهذا الخصوص، في العاصمة هلسنكي والعديد من المدن الفنلندية. أدرك الناس جيدا أن هذه الازمة لا تتعلق فقط بالحكومة الفنلندية، انها قضية أنسانية تهم مواطني هذا البلد أيضا ، لكن الحكومة الفنلندية عليها ان تنجز مسؤوليتها من زاوية أنسانية حالها حال البلدان الاوربية الاخرى . بعض الاحزاب في الحكومة الفنلندية (الحزب اليميني المتطرف " الفنلنديون الحقيقيون") التي تعارض اللجوء لمبررات اقتصادية عليها ان تنظر للقضية من منظور انساني. وايضا للتفكير بما قالته وزيرة الخارجية السويدية مارغوت والستروم Margot Wallström عند انتقدت السياسة الفنلندية تجاه اللاجئين في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوربي، عندما ذكرتهم بدروس من التأريخ وقالت " في سنوات الحرب اخذنا سبعين الف طفل فنلندي، على فنلندا ان تتذكر ذلك". وأنه ليس بدون معنى عندما في الايام الاولى من ايلول / سبتمبر، وفي لقاء مع هيئة الاذاعة الفنلنديةYle ، قال رئيس الوزراء الفنلندي يوها سيبلا Juha Sipilä (زعيم حزب الوسط الفنلندي) أنه مستعد لفتح بيته لاستخدام طالبي اللجوء المحتاجين للسكن . لفتة رئيس الوزراء قامت بتغطيتها الصحافة العالمية، وصارت خبرا في الصفحات الاولى في العديد من البلدان الاوربية والشرق الاوسط . ما هي الرسالة من وراء هذا ؟ هل يريد تحسين صورته السياسية ؟ ام صورة حزبه الذي يقود الحكومة؟ قال لهيئة الاذاعة : "آمل أن يكون هذا يصبح نوعا من الحركة الشعبية من شأنها أن تلهم الكثيرين على تحمل جزء من العبء في أزمة سكن للاجئين". ودعا أيضا للتضامن بين الدول الأوروبية في تقاسم مسؤولية مساعدة طالبي اللجوء الذين يفرون من مناطق الأزمات. كان رائعا جدا متابعة كيف يتعاون الناس معا على المستوى الشعبي لمساعدة المحتاجين. البعض من المواطنين يقدمون المساعدة المالية أو الملابس والمعدات والبعض الاخر من الأسر يأخذون اللاجئين للعيش في منازلهم. كان مشهد جيدا .. كيف يكون مفيدا كون لديك مجتمع متعدد الثقافات متعاون ومتسامح، ولكني أعتقد أن الأجمل هو أن المجتمع الدولي يحاول العمل معا لوضع حد لأسباب الهجرة واللجوء للعمل بجد لتحقيق السلام في بلدان الصراع ومساعدتها على بناء حكومات مدنية وتحقيق الاستقرار والعدالة الاجتماعية . بهذا الخصوص تصاعدت الكثير من الاصوات في اوربا تدعوا للعمل بجد من اجل ايجاد حلول جذرية لظاهرة الهجرة واللجوء ومعالجة الازمة في موطنها الاساس.