فضاءات

عن حياة الانصار 3 والاخيرة / مزهر بن مدلول

المسافات ج
بشتاشان، حوض ماء تحت اقدام قمة من قمم (قنديل)، واجمل مافي القمة انها تحمل على كتفيها قبابا من الثلج على امتداد السنة.
في هذا الحوض تتوزع مقرات الانصار، والمسافات بينها مجرد دقائق، اما المقرات التي تقع خارج المكان فهي (بولي وبيانة وشقولكا)، والمسافة الى هذه المقرات تقدر بين ساعة وساعة ونصف.
امام بشتاشان يقع مانطلق عليه (بالقمة الصخرية والقمة المخروطية) والمسافة لهما تقدر بساعتين وهناك استشهد النصير (ابو يحيى).
الى جهة اليسار وبمسافة ساعتين تقع (كاني ساوين) التي استشهد فيها النصيران (مام رسول وابو صابرين).
والى جهة اليسار ايضا تقع قرية (رزكَة) والمسافة لها تقدر بخمسة الى ستة ساعات وهي مصدر لتموين المقرات بالمواد الغذائية.
من قرية (رزكَة) تتراوح المسافة بين ثمانية ساعات الى عشرة لكي نصل الى (دولي كوكا) وهو المكان الاخير للانصار.
الى جهة اليمين من بشتاشان يقع مقر (روست) ويبعد عنه باكثر من عشر ساعات ويكون العبور باتجاهه في الليل فقط نظرا لوجود الربايا العسكرية القريبة.
ومن روست الى (ليلكان) تقدر المسافة بعشر ساعات، وليلكان هو المكان الاول بعد الانسحاب من بشتاشان.
في ظهر قنديل تقع الحدود مع ايران ومسافة الوصول لها تختلف من مكان الى اخر، ولكن اقلها يدوم ليلة كاملة او نهارا كاملا، ومن هنا كان الانسحاب القاسي الى الاراضي الايرانية.


بعد اربعة ليالي في ايران عادت مفرزة من عشرة انصار بقيادة (مام خضر روسي) الى العراق للبحث عن مقرات جديدة فكانت قرية (ليلكان) المحطة الاولى.
هذه القرية كلما تذكرتها تقفز الى ذهني قصة (اللاّز) او اشعر بأن اللاّز يجلس في بيت المختار، امامها تمتد ارض سهلة وواسعة وتنتشر فيها (الرشمالات)، ويمكن السير فيها من جهة اليمين لمدة ثمان ساعات للبحث عن الخبز، وهنا كانت مقرات الانصار، واول مقر تم اختياره هو (لولان) ويبعد عن قرية (ليلكان) تسع ساعات تقريبا، وهو قريب من حدود ايران ويبعد عنها بساعتين، وفي هذا المقر انعقد اجتماع (ل. م.) في عام 1984 الذي حصل فيه (عزيز محمد) على وسام اكتوبر بمناسبة عيد ميلاده الستين.
خلال فترة قصيرة اصبحت لدينا ثلاثة مقرات هي (لولان) و(دراوة) و(سبيكَا)، ومقر سبيكَا هو الاقرب الى (ليلكان) ويبعد عنها ساعتان ونصف تقريبا، وجميع هذه المقرات تقع على (روبار) يستمر في طريقه الى (ده شت براز كَرت)، وبعد ان تقدم الجيش وسيطر على تلال القرية انسحب الانصار الى الخلف او الى الوادي الذي نسميه ب(كَلي خوى كورك) ، وفيه كانت مقراتنا هي: (بيربنان) وهو مقر القيادة العسكرية ويقع في النقطة الاخيرة من المثلث الحدودي، ثم مقر موسلوك الذي يبعد عن الاول بخمس ساعات، ثم يأتي مقر دجلة والاعلام حيث انعقد المؤتمر الرابع للحزب، ثم مقر ارموش الذي كان نقطقة انطلاق المفارز الى القواطع الاخرى.
من ارموش الى (برزان وريزان) في جبل شيرين، تكون المسافة يومين للشباب وثلاثة ايام لمفرزة ثقيلة، والمسافات بين المحطات كما يلي: خمسون دقيقة من المقر الى (كَلي ره ش)، وهو وادي مظلم وشحيح الماء وتكثر فيه اشجار البلوط، ويمكن قطعه بساعتين، ومنه ندخل في (ده شت براز كَرت) ومسافة هذا (الده شت) حوالي اربع ساعات ،وهو منطقة خطرة اثناء النهار لانه مكشوف للطيران الهليكوبتر، ثم نصل الى الروبار (النهر)، وفيه نقطتان للعبور احدهما لايستخدمها الانصار الا في الحالات الاضطرارية جدا، اما الثانية فهي المكان المألوف لعبور النهر، علما بأنّ هذا النهر يمتاز بتياره الجارف خاصة عندما تبدأ الثلوج بالذوبان، وفي احدى المرات جرف الشهيدة (فاتن) لمسافة غير قليلة انقذناها قبل ان ترتطم بالصخور.
عندما نعبر الروبار، نصل الى محطة اساسية هي بيت الراعي (عادل بكَ)، وفي هذا البيت تمر مفارز الانصار والبشمركَة والجحوش والجندرمة والاستخبارات!،ومنه ايضا تتفرع الطرق وتتغير حسب الظروف العسكرية، لكنها جميعا تمتاز بتعقيداتها وخطورتها الكبيرة على الانصار، ومن (عادل بكَ) يوجد طريقان، طريق يحاذي الروبار ويمر تحت الربايا العسكرية العراقية لمسافة ساعتين ثم يلتف الى اليمين ثلاث ساعات حتى يصل الى مكان آمن ، وهذا الطريق لا يستخدمه الانصار الا ما ندر، اما الطريق الثاني فهو ساعة ونصف الساعة وبعدها يتفرع الى فرعين، الفرع الاول يتجه الى قرية (زيتا) ويستمر باتجاه بهدينان، والفرع الثاني يصل الى عين الماء تحت قرية (ادلبي)، ومن عين الماء هذه تكون المسافة الى مقر(برزان) مع استراحة وجبة الاكل بحدود عشر ساعات، وهذه المنطقة مهجورة وتكثر فيها الخنازير والغزلان، ومن برزان حتى نقطة عبور (الشين) في قرية (جه مجو) تكون المسافة ست ساعات تقريبا، وهنا تلتقي مفرزة قادمة من برزان الى بهدينان بمفرزة قادمة من ارموش الى بهدينان ايضا.
المفرزة القادمة من ارموش الى بهدينا تقطع طريقا بعد (عادل بكَ) غاية في الخطورة وفيه استشهدت النصيرة (انسام) واصيب عدد من الانصار بجروح في كمين قاتل، وهذا الطريق ليس فقط خطرا من الناحية العسكرية وانما ايضا من الناحية المناخية حيث تعرضت فيه مفرزة كانت ترافق الفقيد (ابو عامل) الى عاصفة شديدة كادت ان تدفنهم تحت الثلج وقد وصف الفقيد (ابو عامل) تلك الليلة (بانها كانت اصعب من قطار الموت).
بعد تجاوز المكان الخطر، يكون المنام في قرية (ادلبي)، ثم نتحرك منها حتى نصل الى (الشين) حيث المسافة مع استراحة الغداء تقدر بتسع ساعات، ويكون المبيت في قرية (سيريا)، وفي الصباح نمشي لمدة ساعتين لكي نلتقي مع مفرزة برزان في (جه مجو).
ومن (جه مجو) حتى (زيوة) تقدر المسافة ب 12 ساعة ويكون المنام في منتصف الطريق وغالبا مايكون في قرية (كاروكة).
هذه هي المسافات من (خوا كورك) الى كل من برزان وبهدينان، اما المسافات من (خوا كورك) باتجاه الحدود الايرانية والتركية ثم الانسحاب الاخير الى (دولي كوكا) فهي كالاتي:
شنّ الجيش هجوما على (خوا كورك) في (الانفال) حتى وصل الى مقر القيادة العسكرية في (بير بنان) التي استشهد فيها الشيوعي الاممي (مام علي) الذي اجتمعت فيه كل الصفات النبيلة، وهو من سازمان الايرانية اختار ان يكون مع الانصار حتى النهاية، فانسحبنا الى القمة التي تبعد بحدود ساعتين، وعلى هذه القمة دارت اطول واشرس معركة خاضها الانصار مع جيش عرمرم، معركة بين سفح وقمة استمرت لمدة اثنين وخمسين يوما، حتى قتل الانصار الجوع واكل رؤوسهم (الكَمل)، وسُميت هذه المعركة بمعركة قبر (ظاهر) او زاهر، وهو قبر لرجل لم تُعرف اسباب دفنه هنا، وهذه القمة دائرية الشكل تقريبا وقطرها يمكن تقدير طوله بنصف ساعة،
وبعد الانسحاب من (قبر ظاهر) انتقلنا الى وادي (دولي كوكا) من جهة السليمانية، وهو عبارة عن وادٍ مسافته الكلية ساعة واحدة، وطرفه القريب من ايران مفتوحا وخاليا من الاشجار والصخور، اما طرفه الاخر ففيه الكثير من المغارات والاشجار ويصلح لبناء المقرات، في هذا المكان استمرت مجموعة قليلة من الانصار حتى عام 1990، وكانت تخوض معاركا مع الجيش من خلال قمة صغيرة تبعد عن المقر حوالي ساعة ونصف الساعة.