فضاءات

تطورات أزمة اللاجئين العراقيين في فنلندا/ يوسف أبو الفوز

في الثاني عشر من شهر تشرين أول / أكتوبر، أصدرت مجموعة من نحو ثلاثة مئة من طالبي اللجوء العراقيين في فنلندا نداءا إلى الشعب الفنلندي والحكومة يطلبون فيه الحماية واللجوء. وقال طالبو اللجوء العراقيين في مناشدتهم : " نحن جئنا بسبب انعدام الأمن والتهديدات التي فرضت علينا وعائلاتنا من قبل سياسة الحكومة العراقية والصراع الدائر في الشرق الأوسط . ونحن لا يمكن أن نعود إلى العراق لأن معظمنا سوف يواجهون الموت أو السجن. وصلنا إلى فنلندا للعثور على الأمل والأمان والحياة الكريمة " . وأستعرض أعضاء من المجموعة لوسائل الإعلام صورة للعراق الحالي، وخصوصا عاصمتها بغداد، كمنطقة خطرة تتسم بوجود العنف التعسفي. ففي الآونة الأخيرة كان هناك نقاش في وسائل الإعلام حول نوايا محتملة من الحكومة الفنلندية لاعادة أعداد من طالبي اللجوء العراقيين إلى بلادهم .
في العشرين من اكتوبر / تشرين أول استكملت دائرة الهجرة الفنلندية معلوماتها ومبادئها التوجيهية بشأن العراق. وعلى أساس هذا التقييم، أفادت بتحسن الوضع الأمني في العديد من المناطق في العراق. ويقول تصريح دائرة الهجرة أن "الوضع الامني في تحسن خاصة في محافظة بابل ومدينة كركوك. وإن الوضع الأمني في بغداد لا يزال معقدا، ولكن كل الناس الذين يأتون من بغداد لا يمكن اعتبارهم يواجهون خطرا شخصيا مباشرا في الوقوع ضحية للعنف ." دائرة الهجرة الفنلندية أبلغت أن طلبات الحصول على حماية دولية يتم فحصها بشكل فردي والقرار يكون على أساس بيانات الشخص بشأن الاضطهاد الشخصي بعد مراجعة الحقائق والمعلومات التي تم الحصول عليهاعن الوضع الأمني في مناطق مختلفة من العراق.
فنلندا بدأت ترسم سياستها فيما يخص اللجوء بما يتماشى مع بقية الدول الاوربية، وأتباع نهج أكثر صرامة مع طالبي اللجوء الذين وصلوا هذا العام. ففنلندا تتفاوض حاليا مع العراق للتوصل إلى اتفاق لاعادة طالبي اللجوء إلى الوطن، في حال يتم رفض طلباتهم. ان دولا مثل السويد ودول الشمال الأوروبي الأخرى لديها بالفعل هذا الاتفاق ، فنلندا تريد أن تكون على نفس الخط من ذلك.
من خلال المتابعة ، فان بعض الأسباب وراء مجيء اللاجئين العراقيين الى فنلندا تبدو التالية : لايوجد اتفاق لفنلندا مع الحكومة العراقية حول اعادة اللاجئين في حال تم رفضهم، وايضا ان فنلندا لديها سمعة طيبة بين الشعب العراقي باعتباره بلدا ديمقراطيا ومتحضرا ، وكانت قرارات توحيد العائلات بما يعرف بلم الشمل أسرع من غيرها من الدول الاوربية .
تقرير من وكالة ( اسوشيتد برس) يخبرنا أنه في العام الماضي، ان العراقيين الذين قدموا طلبات للحصول على اللجوء في فنلندا كان عددهم 790 ، وتمت الموافقة على 123 شخصا فقط . وتم رفض 350 شخصا واكثر من مئة شخص تم ترحيلهم الى العراق وعاد الباقي إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى حيث كان وصولهم أولا.
المعلومات الواردة من دائرة الهجرة الفنلندية تقول لنا ان حتى نهاية سبتمبر بلغ عدد اللاجئين العراقيين الذين يطلبون الحماية من هذا العام 12329 شخصا .
السيد رياض مثنى، رئيس البيت الثقافي العراقي في فنلندا قال لنا ، أن عودة طالبي اللجوء إلى العراق يعني إرسالهم إلى المجهول. أن العنف الطائفي والجماعات المسلحة التي تسيطر على الشارع أكثر من مؤسسات الدولة تجعل الشباب يشعرون بالضياع وبلا أمل. وأضاف السيد رياض مثنى: "يجب على الحكومة الفنلندية عدم الاعتماد على البيانات الحكومية العراقية"
وللاطلاع على اوضاع اللاجئين ، تجولنا بين العديد من مراكز اللاجئين في توركو وهلسنكي وتحدثنا مع كثير من طالبي اللجوء . الشاب االعراقي حميد الحسامي (26 عاما) من بغداد قال لنا :" كيف يمكن ان اعود الى بغداد، حيث قتلت المليشيات المسلحة اثنين من أصدقائي المقربين "، وعاد ليقول بأن لغة هذه المليشيات في الحوار مع من يخالفهم في الرأي هو كاتم الصوت .
وسألناه عن عدد اللاجئين العراقيين الذين عادوا من تلقاء أنفسهم بأنفسهم، وقال: أعتقد أنهم مخطئون للقيام بذلك. بل هو خطأ كبير. أغلبهم كانوا صغارا في السن وبدون تجربة كبيرة اعتقد انهم ظنوا بانهم سيجدون حلولا سريعة لقبولهم كلاجئين ، لكنهم وجدوا أن التدابير الفنلندية تستغرق وقتا طويلا . السيد رياض مثنى يعود للقول : وفقا لتقديرات الصحافة، أن عدد طالبي اللجوء الراغبين بالعودة طواعية الى العراق، ما يقرب من مئتي شخص.هذا الرقم لا يعد شيئا بالمقارنة مع الآلاف من الباحثين عن سقف آمن."
يبدو للمراقبين ، انه من الصعوبة ايجاد حلولا سهلة وسريعة لأزمة اللاجئين . ان مؤسسات الاتحاد الأوروبي في حاجة للتعاون لإيجاد الحلول المناسبة للجميع . ولنتذكر ان الإنسان، أي شخص في كوكبنا، لديه الحق في أن يكون حرا وينال حياة كريمة . وان القوانين الدولية تضمن ذلك. وربما من الجدير بالذكر أن نعرف أن شيئا عن إجراءات اللجوء في فنلندا، وكونها كدولة ملتزمة التزاما كاملا، بتوقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة باللاجئين لعام 1951. وينبغي أن تستند إجراءات النظر في طلب اللجوء في دراسة كل طلب على اعتبار فردي وعلى حدة لكل حالة بشكل متسارع او عادي . وتقدم طلبات الحصول على اللجوء إلى الشرطة أولا أو إلى ضابط الجوازات. وحيث يتم نقل طالبي اللجوء إلى مراكز الاستقبال الموجودة في أجزاء مختلفة من البلاد. وأن دائرة الهجرة الفنلندية هي صاحبة القرار بالموافقة على اللجوء بعد مقابلة طالب اللجوء. وأن القرارات السلبية يمكن الطعن بها واستئنافها من خلال المحكمة .