فضاءات

"نداء الملائكة".. عرض مسرحي ساحر لطالبات ثانوية / هند وصفي طاهر

في حي منزو ومهمل في مدينة الثورة (الصدر)، كان هناك أمل حالم بغد مشرق تجسد بمسرحية "نداء الملائكة" التي قدمتها مجموعة من طالبات "إعدادية الهدى"، وسط الحي، أواسط كانون الثاني الجاري. حيث اكتظت قاعة الإعدادية بحشود من الطالبات والمهتمين بهذا الشأن، لمشاهدة العرض.
استطاع مخرج العرض، الشاب احمد كامل مثنى، ان يسخر الطاقات الفنية الكامنة لدى طالبات الإعدادية (زهراء صباح، نور إبراهيم، هدى ماجد، طيبة حسين، شهد علي)، ليقدمن عرضا مسرحيا ساحرا، منسجما ومتناغما مع موسيقى عازف الجلو منذر سامي، عضو الفرقة السيمفونية العراقية.
وعلى هامش العرض، التقينا المخرج احمد كامل مثنى، وسألناه عن فكرة العمل والهدف منه؟
فأجاب ان "فكرة العمل في النص (تأليفا) أبعدت الرجل عن مملكة المرأة، وجعلته غائباً تماماً. أما في العرض فقد أدخلته، ثم طردته في المشهد الأخير، كتجسيد لثورة المرأة ضد كل أنواع التسلط الذكوري في المجتمع".
وتناول العرض المرأة بشكل عام والمرأة العراقية في الحروب بشكل خاص، في ظل مجتمع ذكوري تسلطي، يميل للعنف والقسوة.. مجتمع ينظر للمرأة كأنها شيطان (عورة)، رغم تحملها عبء كبير خلال فترة غياب الرجل أو الموت. وتضمن العمل إسقاطات سياسية، مثل مشهد الشهيد وأكذوبة حرب إيران التي فقدنا فيها أعز شبابنا، ومشهد التهجير والتمزق الذي أصاب المجتمع العراقي خلال الاقتتال الطائفي، وكذلك مشهد السياسي الكذاب المراوغ والمنافق الذي كان على شكل مهرج في العرض.
واختتم العرض بصرخة مدوية على لسان البطلات وبعبارة "لن ننتظر بعد الآن.. لن نتوهم بعد الآن.. لن نهرب بعد الآن".
وأشار مخرج العمل في حديثه لـ "طريق الشعب"، إلى ان "اختيار الطالبات جاء من خلال إجراء اختبارات بسيطة، والتأكد من حب الطالبة للتمثيل، وعدم ممانعة الأهل وتعاونهم معنا. ولا بد من التأكيد أن الأهالي غالباً ما يكونون عائقا، وذلك بسبب النظرة الدونية الى الفن والتمثيل بشكل خاص، ولا ننسى التعاون الايجابي من قبل إدارة المدرسة". أما عن اختياره آلة الجلو لعزف الموسيقى التي تضمنها العرض، فقد أشار مثنى إلى ان "ذلك يعود لفخامة صوت الآلة، وقربه من صوت الرجل، مبينا ان لآلة الجلو في العرض دلالات عدة، حيث تمثل رجلا متسلطا يحرك النساء كالدمى، متى ما يعزف يتحركن، او يتحدثن. ويأتي كراو يروي أحداثا مأساوية".
وعن الصعوبات التي واجهتهم بيّن مخرج العمل ان فترة الإعداد لم تكن كافية، والمكان غير صالح للتمرين، فضلا عن انسحاب بعض الطالبات بسبب الأهل ومضايقة بعض المدرسات لهن، وصعوبة إجراء تمارين كاملة بسبب الدروس والامتحانات، إلى جانب الاعتماد على التمويل الذاتي، نظرا لسياسة التقشف التي اتبعتها مؤسسات الدولة.
جدير بالذكر ان العمل جاء بجهود عدد من العاملين الذين ساندوا المخرج مثنى، كمساعد المخرج عامر زغير، ومعد السينوغرافيا هشام جفات بدر، كما جاء الماكياج والأزياء بنسق مكمل على يد إيمان زيدان، وكان لمدير المسرح نبراس الحسيني دور في متابعة التفاصيل مع فريق العمل، وبإشراف مباشر من علي شمس وأياد عبد الكريم وأمل مهدي، وبإشراف عام من حكمت عطية، فضلا عن جهود الفنيين سعد زغير ونهاد خلف وضياء محسن وحيدر علي.