فضاءات

تعقيب وإيضاح / صادق محمد عبد الكريم الدبش

في مقال نشر على الصفحة التاسعة لطريق الشعب ليوم 20/10/2016 تحت عنوان "عبد اللطيف الرحبي... فارس شيوعي خذله جواده".
بداية.. ان عبد اللطيف الرحبي لم يخذله جواده أبدا بل ترجل عن صهوته فارسا مقداما وشجاعا وهو في عنفوان النضال الذي جسده في مراحل حياته ، ودافع بأمانة وبسالة ونكران ذات عن القيم والمبادئ التي آمن بها وجسدها قولا وفعلا ، فكان كادرا شيوعيا باسلا ، ومثلما كان يفتخر بحزبه الشيوعي العراقي وبأهداف شعبه في الحرية والاستقلال والتقدم، كان الحزب وجماهيره يفتخرون به وبأمثاله من الشيوعيين والوطنيين.
ومن نافلة القول أن تناول التأريخ وأحداثه لحزب او لفرد او لجماعة، يجب ان تنقل بأمانة وليس كما نشتهي أو نرغب ، وتكون الموضوعية رائدنا ونطرحها على القارئ كما هي.
اولا لم يرو لنا أحد ممن عاصر عبد اللطيف الرحبي بأنه قد تعرض لطلق ناري وأن صادق البصام قد نشر خبر وفاته أثناء العدوان الغادر الذي تعرض له المعتقلون السياسيون في سجن بغداد المركزي ، وأصلا لم يذكر لنا من معارفنا واصدقائنا ورفاقنا بأن عبد اللطيف كان حينها في سجن بغداد المركزي عام 1953م ولكنه كان في الموقف العام. وأن من أصيب في هذه المعركة هو عمي أحمد عبد الكريم الدبش وعندما أذيع الخبر وما نشره مستشفى ( المجيدية... الذي مكانه اليوم مدينة الطب) بأن المتوفى هو أحمد عبد الكريم ، وعندما ذهب والدي وأعمامي لاستلام جثمانه من المشرحة وأخرجوه من الثلاجة قال لهم والدي ان هذا ليس أخي ! فقالوا يوجد لدينا جرحى في موقف المستشفى فلما ذهب وبعد جهد جهيد سمحوا لوالدي بالدخول فوجد عمي مع المصابين وكانت اصابته بليغة ، ونقل بعد تماثله للشفاء الى قسم الأمراض العقلية لاصابته في رأسه ، فأحالوه الى قسم تابع لمستشفى المجيدية ، يسمى دار الشفاء ومكث بعض الوقت ومن ثم نقل الى سجن بعقوبة وهناك التقى مع الراحلين عبد الوهاب الرحبي وعبد اللطيف الرحبي ، وهذه التفاصيل البعض منها كنت شاهدا عليها والأخرى شهادة والدي وابن خالي أكرم قدوري واخرين ، وقد تدهورت حالته الصحية أثناء وجوده في سجن بعقوبة حتى أطلق سراحه لسوء حالته الصحية قبل ثورة تموز بأشهر ، وقد زاره عبد اللطيف وعبد الوهاب بعيد ثورة تموز لارساله الى الاتحاد السوفيتي ولكنه رفض ذلك ، واستمر قعيد البيت حتى تدهورت صحته وبدأ يهرب من البيت فأودع مستشفى الشماعية وتوفي في ليلة عيد الأضحى من عام 1960م ، حينها كنت أزوره كل أسبوع أو أسبوعين ، وقبل العيد بيومين أو ثلاثة كعادتي لأطمئن عليه وأزوده بالسجائر وبشيء من الطعام او الفواكه ، فجلست عنده برهة من الوقت ومع الممرضين الذين يشرفون عليهم لأطمئن على حالته وعلى طعامه وملبسه وغير ذلك ، فقال لي عمي اسمع قل لوالدي أريد رؤيته! سامع ؟ قلت له نعم عمي سأقول له ذلك ، وفعلا عند عودتي أخبرت جدي ووالدي بالأمر فقرروا القيام بزيارته ثاني ايام العيد ، وذهبنا بسيارتين.. النساء والاطفال في سيارة وجدي وعمي فتاح ووالدي وعمي عزيز. فوصلنا الى المستشفى فجلسوا في احدى الحدائق وأنا وعمي فتاح ذهبنا لننادي على عمي من الردهة التي يوجد فيها ففاجأنا أحد الممرضين الذي لي سابق معرفة به لترددي على عمي باستمرار !... فقال لقد توفي عمك ليلة العيد وتم نقل جثمانه الى مقبرة الغزالي ، كان مشهدا تراجيديا أليما ومفزعا ، وذهل الجميع لوقع الحدث على نفوسهم... ولا تسمع سوى العويل والنحيب.. وقرر جدي بأن تذهب النساء والأطفال عائدين الى بهرز ، وهم يذهبون الى المقبرة للتعرف على مكان الدفن ، ولم يوافق جدي على نقل الجثمان الى بهرز وطويت صفحة هذا المناضل الصلب والذي تحدى النعساني وبطانته في الدفاع عن الشيوعية وعن الحزب ، ومات جنديا مجهولا يستكثر عليه البعض بأن يذكره حتى وان كان بإشارة عابرة !.. وهي ليست منة ولا استجداء ولكن من حقه المطلق ، وواجب على كل من يحاكي الزمن !.. سلبا كان أو ايجابا ، أن يكون منصفا وصادقا وأمينا على كل معلومة يكتبها ومن غير محاباة أو تفضيل أو تبجيل ، وأن لا يبخس حق أحد ولا ينحاز لأحد على حساب أحد.
أما عن ذكر صحيفة كفاح الشعب وما نشرته عن طيب الذكر عبد اللطيف الرحبي (مات لينين)! فان كفاح الشعب لسان حال الحزب الشيوعي العراقي لم تكن موجودة فترة وفاة الراحل !.. فقد صدرت عام 10/7/1935... وتوقفت عن الصدور عام 1936كانون الاول.
وعن علاج عبد اللطيف عند ( الدكتور عبد الرحمن التكريتي ) ( واستخراج الرصاصة من كتف عبد اللطيف) فأرجو أن يعلم الأخوة كاتبي هذا المقال ، بأن هذا ليس بطبيب !.. وإنما هو مضمد ، وأن الطلقة التي أصيب بها المرحوم عبد اللطيف حسب ما يدعيه كاتب المقال قد حدثت عام 1953! يعني قد مضى عليها خمس سنوات ونيف ! ولا أعتقد بأن الراحل قد لجأ الى مضمد كي يستخرج هذه الرصاصة !
اما حول اول خلية نسوية فقد أسسها طيب الذكر عبد الوهاب الرحبي ، وان الشيوعيين الاوائل في بهرز هم عبد الوهاب وضياء علي وعبد الرحمن الكريم وهاتف عبيد واخرون.
وأعتقد ان من نشر خبر وفاة عبد اللطيف على صفحتها الأولى كانت صحيفة "الإنسانية" التي حملت في واجهة الصفحة الأولى صورتين من اليمين كانت للينين ومن اليسار كانت لعبد اللطيف الرحبي ( كأنه هو ! مات عبد اللطيف الرحبي ) هذا الذي مازال عالقا في ذهني.
اما نقله الى السليمانية !... فقد عين بوظيفة ( رئيس لجنة استيلاء الأراضي للمنطقة الشمالية في الإصلاح الزراعي ) وقبل وفاته بأيام نقل الى بغداد وكان يهم بالعودة ولكن القدر كان أسرع حيث وافاه الأجل بنوبة قلبية نتيجة حساسيته من حقنة البنسلين ، ولا توجد شبهات في ذلك ، وحسب علمي فقد اوقف هذا المضمد للتحقيق معه وقد تنازلت العائلة وطالبت بإخلاء سبيله وتم لها ذلك.