فضاءات

التنوير وأصوله في "ملتقى د. علي إبراهيم الثقافي" البابلي

محمد علي محيي الدين
ضيّف ملتقى الدكتور علي إبراهيم الثقافي في مدينة الحلة، أخيرا، الأستاذ الدكتور سعيد عدنان المحنه الذي ألقى محاضرة عنوانها "التنوير.. أصوله ومعناه"، بحضور جمع من أساتذة وطلبة جامعات القادسية وكربلاء وبابل، وطيف واسع من المثقفين البابليين.
افتتح د. علي إبراهيم المحاضرة بتقديم سيرة المحاضر الذي عمل استاذا في جامعة الموصل، ثم رئيسا لقسم اللغة العربية في كلية التربية للبنات بجامعة الكوفة، وحتى توليه منصب عميد كلية التربية في جامعة القادسية.
وأشار د. إبراهيم إلى ان المحاضر الذي يعمل حاليا استاذا في جامعة كربلاء، أصدر العديد من المؤلفات، من بينها "الاتجاهات الفلسفية في النقد الأدبي"، "الشعر والفكر عند العرب"، "علي جواد الطاهر الناقد المقالي"، "أدب المقالة وأدباؤها"، "الصدى والصوت في شعر إبراهيم الوائلي"، و"في افق الأدب".
بعد ذلك تحدث د. المحنه عن التنوير، وتاريخه ومبانيه والاسس التي قام عليها، باعتباره البداية الاولى في نقض المباني المتخلفة للفكر الظلامي الذي هيمن على أوربا في عصورها القديمة، موضحا ماهية التنوير بوصفه محاكمة للفكر المتخلف المنغلق، وهو يعمل على إخراج الانسان من مرحلة القصور العقلي.
وبيّن المحاضر ان التنوير عبارة عن حركة سياسية اجتماعية فلسفية بدأت في القرن السادس عشر وتطورت في القرن الثامن عشر، مشيرا إلى ان هذه الحركة تعد مهمة تربوية للتحرر من الميتافيزيقيا والتشدد الديني، وطغيان النظام الملكي المطلق.
وتناول المحاضر رواد التنوير في الغرب وفي مصر، وذكر بينهم جان جاك روسو، طه حسين، سلامة موسى، يعقوب صروف، وعلي عبد الرزاق، وأكد ان التنوير يشيع الفكر العقلاني، وانه لا يقبل شيئا من دون نقده. ثم ذكر الأسباب التي أدت إلى تراجع التنوير، ومن بينها اختصاره على النخبة، وضعف التعليم في ذلك الوقت وانتشار الأمية، فضلا عن الأنظمة الاستبدادية التي منعت النقد وفرضت رأيا واحدا، ومنعت النظر العقلي في التراث.
كما تحدث د. المحنه عن أعمدة النهضة وتطوراتها عبر القرون، وما أنتجه عصر التنوير من أفكار وضعية وعقلانية ألهمت عددا من الثورات الاجتماعية والسياسية التي شهدتها أوربا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وأسفرت عن قيام الدولة الحديثة، وسيادة جو من العقلنة في التنظيم.
وتابع قائلا: "وقد سادت في هذه الدولة أنظمة سياسية بديلة عن أنظمة القرون الوسطى، بحيث قامت بانتزاع الصفة الإلهية من سلطة الملوك، فاصلة الدين عن الدولة".
وتناول المحاضر بدايات عصر النهضة العربية على أيدي المتنورين المصريين، الذين أثروا في نشر الفكر التنويري، لافتا إلى ان النهضة وصلت إلى العراق متأخرة، نتيجة طبيعة المجتمع العراقي، ومشيرا إلى ان الشاعرين الزهاوي والرصافي، لهما تأثير في بدايات النهضة التنويرية العربية، "إلا ان تلك النهضة لم تأخذ مداها كاملا، فتعثرت بسبب المؤثرات السياسية التي أطاحت بمرتكزاتها، ومهدت لظهور التخلف والظلامية من جديد".
وأثارت المحاضرة مناقشات وأسئلة كثيرة رد عليها المحاضر بصورة ضافية، عرضا وتحليلا.