فضاءات

في الحلة: محمد المبارك.. تجربة نقدية معاصرة


محمد علي محيي الدين
أقام اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة بابل، أخيرا، أمسية استذكار للناقد والمفكر والأديب الراحل محمد مبارك، الذي كان قد أغنى المكتبة العربية بآثاره النقدية، وأثرى المشهد الإبداعي بآرائه النقدية المعبرة عن بعد واضح بين الاتجاهات النقدية الحديثة.
الأمسية التي حملت عنوان "محمد مبارك.. تجربة نقدية.. آراء نقدية"، حضرها جمع من الأدباء والمثقفين، وأدارها الناقد باقر جاسم محمد الذي قدم سيرة الراحل، مشيرا إلى انه ولد عام 1939 في مدينة الحلة، واكمل دراسته الاعدادية فيها وحصل على البكالوريوس في الادب الانكليزي، مضيفا انه اصدر عددا من الكتب، من بين عناوينها، "الكندي: فيلسوف العقل"، "نظرات في التراث"، "مقاربات في العقل والثقافة"، "الوعي الشعري"، "الانسان والقضية: مسرحية في حياة المتنبي"، و"اللغة والادب والفكر"، كما انه أصدر مئات البحوث والدراسات التي نشرها في الصحف والمجلات العراقية والعربية.
واضاف مدير الجلسة ان الراحل انجذب إلى الفكر الماركسي، وتأثر به، ودرسه بفهم ودراية، فأصبح عضوا في الحزب الشيوعي العراقي، وكلف من قبل سكرتير الحزب وقتها الشهيد الخالد سلام عادل بالانتقال من مدينة الحلة الى بغداد للعمل في الوسط الثقافي، وقد توفي عام 2007.
بعد ذلك تحدث د. محمد أبو خضير عن الراحل، وركز في حديثه على رؤيته النقدية، وتطرق الى آرائه واثره في النقد العراقي الحديث، منوها بالفروق الواضحة في آرائه عن آراء أبناء جيله من النقاد، وبالمواضيع التي ركز عليها في نقده.
وبيّن د. أبو خضير ان الناقد مبارك هضم النظرية الماركسية وطبقها بشكل خلاق على الواقع العراقي.
وقرأ د. محمد عودة ورقة في الأمسية لفت فيها إلى ان الفكر العربي في اكثر المجالات الإبداعية تابع للمدارس الفكرية الغربية الحديثة، ولم تتبلور نظرية نقدية واضحة للنقاد العراقيين "لأننا محكومون بمنظومة فكرية لا تتيح لنا التطور دون الارتكاز إلى الفكر الغربي بمدارسه المختلفة"، مبينا ان توجه مبارك الماركسي واضح في كتاباته التي سوق من خلالها رؤيته الفكرية ضمن رؤية نقدية تواكب الحاضر العراقي بتجلياته.
وقبيل نهاية الأمسية تحدث مديرها عن دراسات الراحل النقدية والاجتماعية، وعن رؤيته لشخصية الفرد العراقي وفق منظوره الماركسي، ودراسته تجليات الواقع ضمن هذا الاطار، ومقارناته بين ثورة أكتوبر الاشتراكية والثورة الفرنسية وتأثيرهما الاجتماعي والفكري.
وساهم العديد من الحاضرين بتقديم مداخلات عن تجربة الراحل في مجال النقد والفكر، كان بينهم الشاعر جبار الكواز الذي سلط الضوء على تنوع منجزه الإبداعي والذي يتطلب الحديث عنه تنظيم حلقات دراسية تظهر الابعاد المهمة لرؤاه الفكرية ودراساته النقدية.
فيما تحدث قريب الراحل، فيصل مبارك عن محطات من حياة قريبه، وذكر انه استطاع توظيف الفكر الماركسي في دراساته المتعددة. كذلك تحدث الشاعر سعد الشلاه عن التأثير الفكري للراحل، وقدرته على الإقناع، مبينا انه كان متأثرا أيضا بفكر أبي حيان التوحيدي، لذا كانوا يلقبونه بـ "أبو حيان".