فضاءات

متنزه "بارك السعدون" يغص بالمياه الآسنة والنفايات

شاحنات الحمل دمرت بناه التحتية
بغداد - علاء عبد الوهاب
يعد متنزه بارك السعدون من اقدم المتنزهات البغدادية. فقد كان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي متنفسا للعائلات، وفي فترة السبعينيات ازدادت جماليته، بعد أن جرى تطويره. إلا انه اليوم، ونتيجة الإهمال وعدم التأهيل، صار محاطا ببرك مياه آسنة ونفايات، وتحول إلى مرتع للحيوانات السائبة، ومصدر من مصادر التلوث البيئي. وقد انتشرت بالقرب منه مذاخر ادوية ومستودعات، وبالتالي صار يستقبل يوميا شاحنات محملة بالمواد الطبية والأدوية، تزن الواحدة منها أكثر من 50 طنا، ما تسبب في دمار البنى التحتية وشبكات المياه والصرف الصحي.
اما الشوارع والممرات المحيطة بالمتنزه، فهي الاخرى تضررت وامتلأت بالمطبات والحفر التي تتصاعد منها الاتربة، لتكون مصدر إزعاج وتذمر لسكان المنطقة المحيطة بالبارك.
يقول المواطن حسين قاسم (ابو علي)، وهو صاحب محل تسوق في بارك السعدون، ومن سكان المنطقة القدماء، ان "المتنزه كان قبل سقوط النظام المباد 2003، جميلا وحافلا بالحدائق ومحاطا بسياج نظامي، ومجهزا بالإنارة الليلية، وكان يضم مدينة العاب. أما اليوم فقد غابت عنه تلك المميزات كلها".
ويتحدث التربوي عمار عبد الكريم، أحد أهالي المنطقة المحيطة بالمتنزه، عن واقع المنطقة الخدمي المتدهور، مشيرا إلى ان "ابرز مشكلة نعاني منها اليوم، هي تهالك شبكة المجاري. ففي فصل الشتاء وعندما تهطل الامطار تغرق المنطقة ويرتفع منسوب المياه فيها ونضطر الى مغادرتها"، مضيفا ان سبب تدهور شبكات المجاري يعود إلى شاحنات الحمل التي تدخل الى المنطقة باستمرار، لتنقل الأدوية والمواد الطبية إلى المخازن والمذاخر الموجودة فيها، ما أدى إلى تضرر شبكات المجاري، والشوارع التي لا تقوى على تحمل أوزان الشاحنات المحملة.
ويذكر عبد الكريم ان هناك عشوائيات انتشرت في المنطقة يسكنها أناس غرباء، كما ان مديرية المرور العامة أنشأت في المنطقة كراجا لحفظ السيارات المحجوزة، لافتا إلى انهم لاحظوا قبل فترة وجود تحركات من قبل المعنيين لإعادة تأهيل متنزه بارك السعدون وبناه التحتية، فتأملوا خيرا وقتها، إلا انهم صدموا بعد ذلك لكون العمل قد توقف من دون أن يعرفوا الأسباب.
وفي السياق نفسه يذكر أبو جاسم، وهو صاحب محل حدادة يطل على متنزه بارك السعدون، ان هناك محاولات لإعادة تأهيل المتنزه كانت في فترة أمين بغداد السابق نعيم عبعوب، "لكن تلك الجهود توقفت بسبب خلافات على طبيعة التصاميم".
ويعرب المواطن احمد علي، وهو يعمل في احدى الشركات الواقعة في المتنزه، عن ألمه لما آل إليه حال بارك السعدون، ويطالب الجهات المعنية باستثمار المكان على أقل تقدير.
وبعد أن سجلت "طريق الشعب" أقوال العديد من السكان عن واقع المنطقة، زارت المجلس البلدي لقاطع الرصافة، والمجلس المحلي في حي النضال، لمعرفة أسباب تدهور الواقع الخدمي في بارك السعدون.
يقول نائب رئيس المجلس البلدي لقاطع الرصافة فيصل جاسم محمد، ان 13 حيا في جانب الرصافة تقع ضمن مسؤولية المجلس، ومن بينها حي النضال الذي تقع منطقة بارك السعدون ضمنه، مشيرا إلى انهم، ورغم حجم المسؤولية الموكلة إليهم، يبذلون جهودا حثيثة لمعالجة مشكلات الأحياء الـ 13، من خلال عقد الندوات والاجتماعات مع الاهالي بشكل دوري وتسجيل مطالبهم وشكواهم، وإرسالها في تقرير مخصص الى هيئة خدمات بغداد في مجلس المحافظة لاتخاذ اللازم.
وفي ما يخص بارك السعدون، ذكر انهم أرسلوا الكثير من المخاطبات والتقارير عن المتنزه، إلى الجهات المعنية، وعلى اثر ذلك جرى تنظيف البارك وبدأت محاولات لإعادة تأهيله، لكنها توقفت بسبب تلكؤ عمل المستثمر.
ودعا نائب رئيس المجلس البلدي، امانة بغداد الى الاهتمام بالمنطقة والمتنزه.
أما رئيس لجنة الخدمات في المجلس البلدي لقاطع الرصافة فلاح حسن، فهو يشير إلى ان دائرة العقارات في امانة بغداد كانت قد تعاقدت مع مستأجر لغرض إعادة تأهيل المتنزه واستثماره، لكنه بعد فترة وجيزة ترك العمل وبقي المتنزه على حاله، مضيفا انه كانت هناك محاولة جادة وتوجه حثيث من قبل مدير عام دائرة بلدية الرصافة السابق عبد الكريم المحمداوي، لإعادة تأهيل المتنزه، وانه كان قد دعا إلى انهاء العقد مع المستأجر، وجرى وضع تصاميم للمتنزه من قبل المجلس البلدي وبالتعاون مع دائرة بلدية الرصافة في امانة بغداد، إلا ان هذه الجهود تبددت أيضا.
من جانبه يقول رئيس لجنة النزاهة في المجلس المحلي لحي النضال - المحلة 103، ان امانة بغداد لم تقم بمحاسبة مستأجر المتنزه الذي غادر العمل بالرغم من العقد المبرم مع دائرة العقارات فيها، مضيفا ان المستأجر كان قد قبض الاموال وترك المشروع "وهذا هو حال مشاريعنا!".
ويضيف رئيس لجنة النزاهة ان المجلس المحلي في حي النضال ينظم اجتماعات دورية يناقش فيها واقع ومعاناة الحي، ويقدم عن ذلك تقارير الى هيئة خدمات بغداد في مجلس المحافظة، غير ان الاخيرة لا ترد، لافتا إلى ان هناك عشوائيات في بارك السعدون تسكنها عائلات من الغجر الغرباء، الأمر الذي يثير مخاوف الأهالي من حدوث خروق أمنية، وموضحا ان المجلس المحلي قدم شكاوى حول هذا الأمر إلى اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة.