فضاءات

في ملتقى د. علي إبراهيم : د. علي مهدي متحدثا عن "الديمقراطية التوافقية"

محمد علي محيي الدين
ضيّف "ملتقى الدكتور علي إبراهيم" الثقافي في محافظة بابل، الاثنين الماضي، الباحث د. علي مهدي الذي قدم محاضرة بعنوان "الديمقراطية التوافقية والمبادئ التي تستند إليها"، بحضور جمع من المثقفين والأكاديميين والأدباء والناشطين.
أدار المحاضرة التي احتضنتها قاعة الملتقى وسط مدينة الحلة، د. عدي الأسدي، الذي قدم سيرة الضيف، ونبذة عن موضوع محاضرته.
بعد ذلك تحدث د. علي مهدي عن السيادة الشعبية والديمقراطية التي ظهرت كمبدأ سياسي فلسفي غايته محاربة الحكم الاستبدادي الذي ساد في أوربا، وسحب السيادة التي كان يحتكرها الملك استنادا إلى الحق الإلهي، وإعادتها إلى الأمة.
ثم سلط الضوء على أنماط الديمقراطية التي وصلت إلى 550 نموذجا فرعيا، موضحا ان هناك نظما سياسية ديمقراطية وشبه ديمقراطية، وان أقدمها الديمقراطية المباشرة التي تطورت لتظهر الديمقراطية غير المباشرة والنيابية والليبرالية والتوافقية والتشاركية وديمقراطية الأغلبية.
وقدم د. مهدي شرحا مفصلا لكل نوع من أنواع الديمقراطية آنفة الذكر، ثم ركز على الديمقراطية التوافقية التي هي شكل من أشكال الحكم المطبقة في بعض البلدان غير المتجانسة شعبيا، والتي تقتضي الحكم بالتوافق بخصوص الأمور السياسية للجماعات المتمايزة عن بعضها البعض، وتسعى إلى استيعاب تأثير الانقسامات الثقافية والاجتماعية عبر منهجية حل النزاعات بأساليب مختلفة عن منطق حكم الأكثرية، مشيرا إلى ان الأهداف المرجوة من الديمقراطية التوافقية تتمثل في استقرار صيغة الحكم والحكومات، ونجاح مؤسسات الحكم التشاركية، وتجنب العنف، فضلا عن وحدة المجتمع في تعدديته والمحافظة على وحدة الدولة.
وبين الباحث الضيف انه ليس هناك مفهوم محدد متفق عليه حول الديمقراطية التوافقية، وان المفكرين اختلفوا في تسميتها، مشيرا إلى ان الدافع الأساسي من وراء تبني النظام التوافقي، هو عدم الانسجام الاجتماعي بين مكونات الشعب التي تشكل الدولة، لا سيما إذا كان بسبب حواجز طائفية أو عرقية يصعب تجاوزها أو تخطيها.
وأشار د. مهدي إلى أن أركان الديمقراطية التوافقية تشتمل على ائتلاف واسع من الزعماء السياسيين من جميع القطاعات المهمة في المجتمع التعددي، والفيتو المتبادل أو حكم الأغلبية المتراضية التي تستعمل كحماية إضافية لمصالح الأقلية الحيوية، والنسبية كمعيار للتمثيل السياسي، ودرجة عالية من الاستقلال لكل قطاع في إدارة شؤونه الداخلية الخاصة، مضيفا ان اللجوء إلى التوافقية قد يكون تطبيقا مرحليا لإدارة الصراع الاثني والمذهبي بين الجماعات المتعددة، لحين الوصول إلى ترسيخ القيم الديمقراطية من جهة، والتوصل إلى آليات تعزيز الثقة المفقودة بين هذه المكونات لبلوغ المواطنة.
وأوضح ان الديمقراطية التوافقية لا تستند إلى عناصر التنافس في البرامج والاستراتيجيات ولا تحتكم لمنطق الأغلبية، بل تعتمد أساسا على مواصفات بناء تحالف واسع يضمن للمكونات الأساسية فرص التمثيل والمشاركة في صنع القرارات دون الخضوع لسلطة الأغلبية، مشيرا إلى ان هناك انتقادات موجهة للديمقراطية التوافقية لعدم وجود معارضة فعالة فيها.
وعن امكانية تطبيق الديمقراطية التوافقية في العراق، أشار د. مهدي إلى انه استنادا لبعض الدراسات للتجربة العراقية وظروف البلد، تبدو الديمقراطية التوافقية صيغة ممكنة التحقيق، شرط ان تحسن ادارتها وتعتمد الاجراءات المناسبة التي تنسجم مع روحيتها وهدفها الرئيس في إقامة الديمقراطية وتثبيت الاستقرار، وأن تؤمّن العوامل المساعدة بقدر ما يتعلق الامر بالأطراف العراقية، موضحا ان الديمقراطية التوافقية أصبحت الآن احدى الضرورات لإعادة الثقة بين المكونات العراقية، وبناء الهوية الوطنية.
وأثارت المحاضرة مداخلات ونقاشات وأسئلة، ساهم فيها كل من السادة سعد الشلاه، عباس محسن، حسين علاوي، كريم بلال، عامر العضب، فاضل عبد الحسن، حسين لفته، وميثم جهاد. وتركزت التعقيبات في معظمها على فشل التجربة السياسية العراقية بسبب تحولها الى محاصصة طائفية - اثنية، أدت إلى عرقلة الديمقراطية الحقيقية.