فضاءات

غياب شبه تام لمظاهر العيد في الحلة / طارق حسين

للعيد رمزية خاصة عند الحليين كما هو عند كل العراقيين. فهو بالنسبة لهم فرصة للتصالح مع من اختلفوا معه لسبب أو لآخر، والالتقاء بالبعيد، والتزاور بين الأهل والأحبة.

وهو أيضآ نافذة من نوافذ الفرح النادرة في العراق اليوم والتي لا تحصل الا مرتين في السنة، بينما مواسم الحزن والمراثي تكاد تكون ملازمة لهم على مدار السنة. وحتى هذه المساحة الضئيلة من الفرح بدات تتقلص امام اتساع مساحة العنف.

باية حال عدت يا عيد ..!

يبدو ان الرسالة التي أراد الإرهابيون إيصالها من خلال التفجيرات التي ضربت معظم المدن العراقية، والحلة واحدة منها، عشية عيد الأضحى، قد وصلت وتم التعاطي معها من قبل المواطنين بجدية.
لانها زادت مخاوفهم من احتمال استهداف ألارهابيين للأماكن العامة التي عادة مايلجأون اليها ايام العيد.
لهذا فالشوارع الرئيسة للمدينة لم تشهد ذلك الازدحام المتوقع، والمواقع الترفيهية خلت هي الاخرى من جمهرة الاطفال الذين ينتظرون قدوم العيد بفارغ الصبر، وصارت دواليب الهواء فيها تلهو مع نفسها .

ناس .. وناس

بعض العوائل الميسورة حزمت حقائبها وأصطحبت اطفالها وتوجهت الى اقليم كردستان لقضاء ايام العيد هناك، حيث الامن والاستقرار وتوفر الوسائل الترفيهية اللازمة لممارسة طقوس العيد التي لها أهميتها عند الاطفال . اما العوائل الفقيرة فبعضها اكتفى بزيارة مراقد الاولياء المنتشرة في الارياف المحيطة با لمدينة، بعيدا عن اعين الارهاب، وبعضهم الآخر، فضل البقاء في المنزل ضاربا عرض الحائط مطالب الاطفال بالخروج الى المتنزهات والاماكن الترفيهية.

استياء .. ويأس

وقد ابدى كثير من المواطنين من سكنة الحلة، استياءهم من عدم اهتمام الحكومة بما يتعرض له البلد من انهيار امني واصفين حياتهم بانها جحيم، ومتشككين في وجود امل بنهاية مأساتهم في ظل ساسة يتاجرون بدماء شعبهم .
احدهم قال : لقد سئمنا الحياة وفقدنا صبرنا ..ما من امل يلوح في الافق.
قلت له.. الانتخابات قادمة.. والغد سيكون افضل لو احسنا اختيار نوابنا في البرلمان.

الفقراء والعيد

اما الفقراء من سكنة الحلة، فقد كان عزوفهم عن ارتياد اماكن التسلية والمتنزهات العامة، لا يتعلق بالوضع الامني وحده. فارتفاع اسعار الدخول الى تلك الاماكن واجور الالعاب دفعتهم الى قضاء العيد بين الجدران الاربعة، خوفا من وقوع ما لا تحمد عقباه. لكن كان هناك من الحليين، من تحدوا قوى الارهاب وخرجوا للتنزه بصحبة عوائلهم، ولسان حالهم يقول ان قوى الارهاب الظلامية تسعى جاهدة الى اخافة الناس وجعلهم يختبئون في بيوتهم.
انتهى العيد، وكأنه لم يأت، وظلت مخاوف الناس على حالها، سيما وان قوى الارهاب، لم تترك مكانا الا واستهدفته، كالمقاهي والاسواق والملاعب الشعبية. وهم يتساءلون عن جدوى الخطط الامنية التي لم تساهم في تحسين الوضع الامني، ولم توفر لهم الامان حتى في ايام العيد.