فضاءات

المهرجان السنوي لـ "طريق الشعب" .. تذكرة سفر الى الماضي عبر محطة "طريق الشعب"

ابراهيم المشهداني
مهما كانت الظروف قاسية وعصية على الاستيعاب، فان في الماضي الجميل كان الحلم والحقيقة رفيقين يمشيان في الطريق نفسه. من "طريق الشعب" السبعينية تعلمنا قيمة الحرف وعنفوان الكلمة، كانت وما زالت الملهم والمحفز، وكانت المنارة والنور الذي نهتدي به في الاستدلال الى القادم من الايام، منها تعلمنا الرفقة وبنينا صرح صداقاتنا، والمحبة على اصولها.
كنا مجموعة من الطلبة الشباب الطامحين الى كل جديد، ندرس ونفكر ونكتب، ولكن كتاباتنا كانت متعثرة في خطواتها الاولى ، ولكنها نامية نحو الافضل، يحفزها الطموح والرغبة في التعلم والاستشارة بكوادر كانت معنا تحب وتضحي وتجاهد من اجل الهدف المشترك الآتي. الراحل حسن العتابي التربوي الكبير صاحب الكلمة المعبرة والقلب الكبير، ونعمة عبدا للطيف امد الله في عمره، وحميد الخاقاني المعروف بهدوئه وقلمه السيال وعمق افكاره، والشهيد العمالي عبد الرزاق ابو الشهيد رياض، وكوكبة من الصحفيين البارعين كانوا قامات صحفية شامخة، عبد الرزاق الصافي وفائق بطي وفخري كريم والفقيد ابو علي رشدي العامل والصحفي الموهوب ابو كاطع (شمران الياسري) دون ان ننسى الباحث والمحلل السياسي يومها فالح عبد الجبار وغيرهم ممن لم تسعفني الذاكرة لتعداد اسمائهم.
اقول كنا مجموعة من الطلبة، ابراهيم المشهداني، سعد صالح السماوي، كفاح عبد الامير، مؤخرا عرفت انه شقيق الشهيد البطل (سعدون) وضاح عبد الامير عضو المكتب السياسي للحزب الذي اغتالته ثلة من المجرمين في الطريق لزيارة عائلته في اربيل، والشهيد (نوزاد ) عبد الغفار كريم، كلفنا الحزب لتحرير صفحة الطلبة والشباب التي سبقنا في ادارتها طيب الذكر رواء الجصاني مدير مركز الجواهري في براغ حاليا، والشهيد فيصل عبدالغفار العاني اللذان كلفا بمهام حزبية اخرى، ولننقل عبرها هموم الطلبة ومتاعبهم في المؤسسات التعليمية، حيث يحاول البعث فرض افكاره ومشاريعه القومية الشوفينية، الى جانب ابداعاتهم في مختلف جوانب الحياة، وحينها كان ما يردنا من منظماتنا الطلابية سيلاً من المساهمات، وكنا نواصل الليل بالنهار من اجل اعداد ما يردنا لتكون مساهمات صالحة للنشر، او نردها الى كاتبها، مع ملاحظات مفصلة وواضحة. كانت عملية شاقة ولكنها مليئة بالحياة، اذ فعلت من خلالها طاقات صحفية واعدة لدى جمهرة كبيرة من الطلبة الذين برعوا في مختلف الفنون الصحفية.
انها انجازات مميزة عكستها صفحة الطلبة والشباب التي نطمح ان تنهض من جديد لتكون وريثا حقيقيا لتلك الصفحة الشامخة التي نمت وكبرت في المدرسة الام "طريق الشعب" .
لقد كان دور المكتب الصحفي الطلابي الذي يدير الصفحة، اوسع من ذلك، فعن طريقه تم اكتشاف طاقات طلابية عربية كانت تدرس في العراق، ومنهم الشهيد البطل سعيد العويناتي البحراني الذي تربى في مدرسة الطريق، وطور من خلالها ليس موهبته الصحفية فحسب، ولكن الى جانب ذلك ملكته الشعرية، وحمل هذه المواهب الى بلده الام البحرين بعد ان اكمل دراسته في العراق، وهناك اطلق مواهبه عبر الصحافة البحرينية، فعمل محررا في مجلة المواقف، وما يكتبه في هذه المجلة وغيرها من الصحافة البحرينية كان كالسهم ينفذ الى عقول الشباب، لكن ذلك لم يكن موضع ارتياح لدى الاجهزة القمعية البحرينية التي كانت تعد على المناضلين الوطنيين حتى انفاسهم، فاقتادوا سعيدا الى غياهب السجن وهناك اغتالوه تحت التعذيب بكل خسة ودناءة.
ان من تربى في مدرسة "طريق الشعب" يكون وعدا عليه ان يبر لهذه الصحيفة المدرسة من الدعم والمساندة في الارتقاء بها لتكون المنبر الحر والكلمة الوطنية الشريفة ما استطاع الى ذلك سبيلا.