فضاءات

عمال التنظيف.. تدني الأجور وغياب الضمان الاجتماعي / عبد العزيز لازم

تعددت الاسباب والبؤس واحد! فمنذ سقوط النظام المباد باتت قضية المطالبة بتنظيف شوارع المدن من القمامة المتراكمة تحتل الاولوية من بين اوليات غياب الخدمات الاخرى.

وتحتل بغداد المركز الاول في ضعف هذه الخدمة نظرا لسعة المدينة وكثرة المناطق السكنية التي تتجمع فيها النفايات دون ان يلاحظها احد او يهتم بازالتها. اي ان حياة مواطني الاحياء المزدحمة لا تشكل اهمية بالنسبة للقائمين على هذه الخدمة.
وقد اضطر الآلاف من الشباب ومن مختلف الاعمار الى العمل في مهنة التنظيف، والعيش بين القمامة دون ضمانات صحية وباجور يومية لا تكفي سد الحاجة اليومية لعائلاتهم. فالمسؤولون يعتقدون ان توفير سيارات آلية باعداد محدودة وتزويد العامل بسترة فوسفورية وعربات دفع يدوي ومجرفة وفرشاة تكفي لحماية هذا الكائن البسيط من مخاطر المهنة.

العبء الاكبر على عمال التنظيف

يقول العامل "ابو محمد" وهو من مهجري محافظة ديالى"50 سنة". انه وافراد اسرته اضطروا للنزوح الى بغداد هربا من الارهاب بعد ان استولى الارهابيون على منزلهم ومزرعتهم الصغيرة.
لكنه اثناء ممارسته لمهنتة الجديدة وهي تنظيف الشوارع البعيدة عن مهنته الاصلية كمزارع، واجه مخاطر يومية في بغداد اشد خطرا لان العبوات المزروعة في الشوارع كثيرا ما تفاجئهم مقابل اجور لاتغني ولاتسمن "بعد ان كنا نكتفي بما تنتجه مزرعتنا قبل احتلالها ومن ثم طردنا منها من قبل الارهابيين". والجدير بالذكر ان احد مسؤولي امانة بغداد ذكر ان العبوات الناسفة في الشوراع اودت بحياة 350 عاملاً خلال عام واحد.

عمال تنظيف أم "عتاكة " ؟

بسبب تدني اجورهم "10 الاف دينار لليوم" يلجا عمال التنظيف خاصة اولئك المرافقين للسيارات الآلية الى وسائل اخرى منها النبش في اكوام القمامة التي يجمعونها من الشوارع واستخراج العلب المعدنية والقناني البلاستيكية لايجاد وسائل بيعها. قال العامل "مهدي" في منطقة الشعب: "نجمع العلب لاعادة بيعها الى العتاكة ومعها القناني الفارغة، اما الخبز اليابس فنبيعه الى اصحاب العربات التي تجرها الخيول فهو طعام مناسب لخيولهم واحيانا نبيعها لاصحاب الاغنام التي انتشرت "جوماتهم" في ارصفة الشوارع. وعن تفضيل السيارات الآلية الوقوف امام بيوت دون أخرى لخدمتها يقول السائق "عبد الكاظم" ان بعض ربات البيوت يعطين اكراميات للعمال لذلك فهم يخدمونها اكثر من غيرها خاصة وان السيارات المخصصة لا تكفي لخدمة الجميع. وتقول الحاجة "ام نور" ربة بيت تسكن المحلة 331 من مدينة الشعب: "خطية اصحاب عوائل نعطيهم شيئاً بسيطاً 250 الف او 500 الف وما يقصرون بالخدمة". لكن من لا يعطي الاكرامية تتاخر عليه الخدمة او تنعدم
عمال عقود دون ضمان

وكانت امانة بغداد اتخذت قرارا بتحويل عمال التنظيف من عمال اجرة يومية الى عمال عقود لكن دون شمولهم بالضمان الاجتماعي. ويتساءل هؤلاء ومنهم الشاب صبري وعمره 25 عاماً متزوجاً - ويبدو انه يمتلك مؤهلات تعليمية- قائلا: هل يمكن ان تكتفي الامانة والجهات الخدمية الاخرى من خدماتنا لاحقا؟ ومتى؟ فلماذا لا يتم تثبيتنا على الملاك الدائم ما دامت خدماتنا مطلوبه وباستمرار، وهل تحتاج المسألة الى توافقات مستحيلة؟ ومن يكفل لنا ولعوائلنا العيش الكريم اذا لم تقم الدولة بذلك؟
بقي ان نعرف ان بعض المواطنين من سكان الازقة الخلفية يضطرون الى إحراق اكوام القمامة بطريقة بدائية دون ان يقدروا الاضرار البيئية والاضرار على الصحة العامة جراء هذا النوع من الحرق. علما ان هذه المحارق تخلف ملاجىء للجرذان وانواع الهوام الناقلة لشتى انواع الامراض. ولا احد يوجه او يهتم.