اعمدة طريق الشعب

أوقفوا التراجع الكبير في قطاع الخدمات! / ابراهيم المشهداني

في نظرة فاحصة للقطاع الخدمي بكل مكوناته وبنيته ،يمكن بكل وضوح ملاحظة الانحدار الشديد في منحنياته ، ولم تكن الاسباب وليدة اللحظة فان الحرب العبثية للنظام البائد ضد جيرانه والحصار الاقتصادي المفروض على العراق بسبب احتلال الكويت والحرب التي شنها التحالف الدولى بقيادة امريكا واستهداف البنى الخدمية وخاصة قطاع الكهرباء بموقف انتقامي عدواني فظ بالإضافة الى البنى التحتية عامة قد انهك قطاع الخدمات بشكل كامل. واضيف إلى هذه الاسباب مجتمعة الاهمال الحكومي بعد التغيير على الرغم من التدفقات المالية الهائلة المتأتية من الريوع النفطية. كل تلك الاسباب قد اضعفت بشكل خطير خدمات الطاقة الكهربائية والخدمات الصحية والتعليمية والبنى التحتية للخدمات البلدية وغيرها .
فقطاع الكهرباء ،بتأثيره المباشر على مجمل العملية الاقتصادية ،ما زال يئن تحت وطأة الاهمال والفساد بالرغم من التخصيصات الكبيرة المرصودة له في كافة الميزانيات السنوية وينعكس على اوضاع الناس وينغص حياتهم اليومية ويسلب مداخليهم عل شحها لاسيما الطبقة الوسطى والفقيرة . اما القطاع الصحي فحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فان المستوى العام لهذا القطاع يتسم بالمد احيانا وبالجزر في معظم الاحيان من حيث قلة الكادر الطبي والمساعد والأجهزة والمستلزمات الطبية والعلاجات وخدمات الحالات الطارئة وهي كثيرة ، سواء في المستشفيات او العيادات الخاصة ، بالنسبة لحجم السكان المتسارع حيث تزيد نسبة النمو السكاني على 3في المئة فضلا عما يواجه المواطن من الرسوم في القطاع الحكومي والرسوم الكشفية والتحليلية في العيادات الخاصة حيث ان اجور الاطباء قد وصلت عند بعضهم الى 50 الف دينار .
اما الخدمات البلدية ، فحسب المسح ، الذي قام به الجهاز المركزي للإحصاء ، فان واقع الماء والمجاري يتسم بالتفاوت بين المحافظات فأحسنها سيئ بحسب المعايير العالمية اما أسوؤها فلا تزيد النسبة فيه عن 50في المئة، وأما المجاري فلا تزيد النسبة فيها عن 3،2في المئة وتشمل محافظات المثنى وإطراف بغداد وكركوك ونينوى وبابل. بالاضافة الى ان مشكلة النفايات طاغية في معظم المحافظات ولكن اكثرها سوءاً هي في كركوك وميسان وديالى والانبار وواسط والمثنى وبابل حيث لم تزد نسبة الخدمة فيها على 36في المئة .
وطرق المواصلات ،ليست أفضل حظا ، سواء كانت الطرق الخارجية بما فيها الدولية وكذلك الطرق داخل المدن بما فيها بغداد العاصمة، حيث المطبات ورداءة التبليط والتموجات الناشئة عن سوء أعمال الصيانة وزيادة أوزان الحمولات عن الحدود المسموح بها وظاهرة التجاوز على الطرق خاصة داخل المدن من قبل بعض التجار الذين يتخذونها مكانا لعرض بضائعهم من دون الاكتراث بظواهر الزحام التي تقتل الوقت وتقلل من انتاجية وسائط النقل العمومي وتزيد من كلفها. اما ما يخص قطاع الاتصالات فيمكن القول ان القطاع الحكومي الذي كان في مرحلة ما زاهيا بخدماته، اصبح الان في ذمة التاريخ بسبب هيمنة الشركات الخاصة التي وبسبب ارتفاع اسعار خدماتها، اصبحت عبئا على المواطن بالاضافة الى تلكئها في دفع مستحقات الدولة من الضرائب.
ان الاسباب الكامنة وراء هذا التردي تكمن، قبل اي شيء آخر في ظواهر الفساد والهدر المالي والرقابة السيئة والإدارات الفاشلة لهذا القطاع الواسع والسياسات الخاطئة والإصرار على التمسك بها والتمترس المحاصصي وراءها .
ويمكن القول ان معالجة هذه التردي في الخدمات والتي تقف كواحدة من اهم اسباب التردي في الاقتصاد بشكل عام تتوقف في نهاية المطاف على التزام الحكومة بمراجعة شاملة لمجمل السياسة الاقتصادية حيث ان الخدمات جزء لا ينفصم عن هذه السياسة ضمن اطار استراتيجية شاملة ملزمة التنفيذ ومشرعة قانونيا تأخذ في الاعتبار تغيير شامل في الادارات الفاشلة وفق معيار الكفاءة والنزاهة ، وليس اقلها اهمية التعامل مع الفاسدين كما الارهابيين وتشديد الرقابة وأفضلها الرقابة الشعبية وإشراك الرأي العام في وضع الاستراتيجيات من خلال عرضها في وسائل الاعلام الجماهيري.