اعمدة طريق الشعب

منتخباتنا الوطنية وامكانات المغتربين / مظفر العقابي

في نظرة سريعة وخاطفة على خارطة كرة القدم العالمية خلال العقد الاخير من الزمن نرى ان اغلب الاندية في الدوريات الاوربية ذات القدح المعلى في التنافس والسباق صوب الالقاب والبطولات الاوربية والعالمية تكاد لا تخلوا من اللاعبين الافارقة المتميزين في فرقهم وبعضهم من فضل التخلي عن جنسيته الاصلية لينضم الى منتخبات الصف الاول في اوربا كبلجيكا والسويد وفرنسا وهولندا وغيرها.
كذلك الحال مع لاعبي دول البحر الكاريبي وامريكا الجنوبية ودول البلقان الذين اختار قسم كبير منهم اللعب لغير بلدانهم الاصلية سعياً وراء تحقيق الامجاد والانجازات والبطولات مع هذه الفرق والمنتخبات البديلة والتي احتضنتهم وجهزتهم بطريقة احترافية ومهنية عالية فاضافوا لها الكثير من الثبات والمرتكزات القوية لتحصد عدداً من الانجازات والبطولات والنتائج الجيدة على مستوى القارة والعالم.
وفي العراق في ظل الاوضاع الاقتصادية والسياسية والامنية المتدهورة خلال السنوات العشرين الماضية هاجر الكثير من العراقيين الى دول المهجر وبات لدينا الآن جيل كامل من اللاعبين المغتربين المتمكنين على كل المستويات: (الاشبال، الناشئين، الشباب، الاولمبي)، الذين صقلوا في مختلف المدارس الرياضية الاوربية وباتوا اليوم ينافسون اقرانهم الاوربيين في اللعب على اديم ملاعب الاندية الاوربية المحترفة وبكل درجاتها ومسمياتها. ومن هنا وبسبب ظروف بلدنا المتذبذبة ما بين حال وحال وغياب التخطيط السليم وتهالك البنى التحتية وتحجيم دور الفئات العمرية في معظم الاندية واعتمادها اللاعب الجاهز واهمال دوري الفرق العسكرية والمؤسسات الحكومية وتهميش الرياضة المدرسية التي ساهمت فيما مضى في تخريج وتصدير العديد من المواهب وتصديرها الى الاندية الجماهيرية. كل ذلك ادى الى نضوب في الامكانات والمواهب الكروية وتراجع في مستوى الدوري العراقي الممتاز، ما اثر سلباً على نتائج منتخباتنا الوطنية اقليمياً وقارياً، وجعلنا في موقف لا نحسد عليه ونحن ننافس منتخبات كانت سابقاً تحلم بالخسارة المشرفة امام منتخباتنا وانديتنا العريقة، ولكنها كافحت وعملت بصبر وجهد وحرفية عالية محاولة ان تجد لنفسها موطئ قدم بين فرق القارة الاكبر في العالم، وبقينا نحن نراوح ونكاد ننحدر عن موقعنا بسبب سياسة الاقصاء والتهميش والغاء لكثير من السياقات العلمية والعملية.
وبرغم كل ذلك ظل الاسد العراقي رقما صعباً ومنافساً شرساً على كل قمم البطولات على المستوى القاري متسلحاً بما تبقى من المواهب التي ما زالت متوفرة على ارض العراق المعطاء ولكنها بحاجة الى الكثير من العمل والجهد والصبر حتى تنضج وتصبح قابلة للسطوع في السماء الكروية العراقية وبالتأكيد ان هكذا عمل يحتاج الى زمن وجهد طويل ولن تتضح نتائجه بين ليلة وضحاها، بل ربما تستغرق عقداً كاملاً من الزمن عبر آليات عمل احترافي قويم ومن اجل مسايرة الواقع واللحاق بركب كبار القارة،ولتعود المنتخبات العراقية الى موقعها المناسب في ترتيب الفرق عبر سلسلة من النتائج الباهرة لا بد من الاستفادة الكاملة من تلك الطاقات الكامنة المتمثلة في اللاعبين المغتربين وفي كل الفئات المحترفة والمتدرجة بصورة علمية وعملية عبر بناء فني وبدني عالي المستوى.
على العاملين في اتحاد الكرة ان يتوحدوا مع من يهمه امر الرياضة وكرة القدم للانفتاح على الطاقات المغتربة وان يراهنوا على علو وسمو الروح الرياضية وان لا يحاولوا ان يحجبوا المبدعين داخليا وخارجيا وعليهم العمل على احتضان افضل الطاقات الشبابية في المهجر من اجل فسحه امل جديدة وفرصة للتواصل معنا من اجل النجاح والاحتراف في رعاية الابداع من منبع الاخلاص والوفاء للوطن ورياضة الوطن الاولى، كرة القدم.