اعمدة طريق الشعب

توليد الطاقة من النفايات / إبراهيم المشهداني

منذ سنوات والعراقيون يشكون من هزال خدمات الكهرباء التي تنهار في كل صيف ، والخدمات البلدية وغلاء الأسمدة الكيماوية التي تدخل في زيادة إنتاجية المزروعات ، وتراكم النفايات التي تفرز أنواعا من السموم التي تفتك بصحة العراقيين وتسمم أجواء البيئة بالرغم من توقيع العراق على الاتفاقات الدولية المتعلقة بالبيئة ، وعلى الرغم من توفر إمكانات مالية كبيرة في سنوات ما قبل 2014 حيث أخذت موارد النفط بالهبوط بعد هذا التاريخ .
فلو إن الدوائر الحكومية كوزارة الكهرباء ووزارة البيئة ووزارة الزراعة وأمانة بغداد ووزارة التخطيط قد أعطت قدرا من الاهتمام لتحسين خدماتها في هذه المجالات ، لاطلعت على التجربة العالمية واستفادت من انجازاتها التكنولوجية في مجال تحويل النفايات الصلبة وغير الصلبة لإنتاج الطاقة وإنتاج المركبات الصناعية وتوليد الحرارة واستغلال الرماد المتولد من حرقها في أعمال التشييد والبناء والأسمدة الكيماوية في زيادة انتاجية الأرض الزراعية .
ففي أوروبا على سبيل المثال توضع خطط واسعة لفصل القمامة وتدويرها وتحويلها إلى سماد أو وقود سائل او وقود غازي. وفي العالم توجد 350 محرقة تستخدم في تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية وأكثرها شيوعا في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (oecd). وادى تطور التكنولوجيا في هذا المجال إلى توليد المزيد الطاقة الكهربائية من دون المرور في مرحلة الحرق .وفي أوربا يوجد 34 مصنعا لتحويل النفايات إلى طاقة ، وفي الإمارات تطرح بلدية دبي في نهاية شهر حزيران الجاري مناقصة إنشاء اكبر محطة لتوليد الطاقة الكهربائية من النفايات بتكلفة مقدارها ملياري درهم .
ولعل التجربة التركية الدولة الجارة ، تعطي إضاءة عن إمكانية تحويل النفايات إلى تراكيب وطاقات فعالة في عمليات التنمية الاقتصادية حيث تستغل النفايات العضوية بشكل مثالي لتحويلها إلى مصدر طاقة متجددة بعد سنوات من الإضرار الصحية والبيئية والاقتصادية متسببة بوفاة العديد من المواطنين نتيجة انبعاث غاز الميثان. وتقوم الفكرة على أساس جمع ملايين الأطنان من النفايات وطمرها بالرمال لمدة سنتين وعزل الأوكسجين عنها وبعد هذه الفترة تقوم بسحب غاز الميثان عبر أنابيب إلى محطات في إحدى عشر محافظة تقوم بفصل نواتجها حسب الوظيفة وتوليد الطاقة الكهربائية وهذه التجارب منتشرة في مصر والمغرب ولبنان والصين واليابان، لكن العراق تأخر كثيراً عن إدخال هذه التجربة ولم نلمس سوى تصريحات متواضعة آخرها عن مدير إعلام أمانة بغد اد الذي أشار إلى قيام الأمانة بطمر سبعة ألاف طن من النفايات وإنها قد انشات تسع محطات تحويلية نموذجية كجزء من خطة لتدوير النفايات عبر معملين تم إكمال الإعمال الإنشائية إلا إن المشاكل المالية والفنية حالت دون إكمالها لكننا نجد في المعلومات شيئا من الضبابية فحينما توضع الخطة ويشرع فيس التنفيذ فذلك يعني رصد التخصيصات المالية لها فما أسباب التوقف عن العمل؟ ومن جهة أخرى لم نلمس من وزارة الكهرباء إي نشاط في هذا المجال سوى تصريحات خجولة ومتواضعة للاستفادة من الطاقة المتجددة ، الأمر الذي اثأر غضب الرأي العام وخروج الملايين المحتجة لفشل الوزارة في معالجة هذه الأزمة على الرغم من إنفاق ثلاثين مليار دولار.
إن أهمية الاعتماد على الطاقة المتجددة بالاستفادة من النفايات الهائلة التي تتولد يوميا وتحويلها إلى مشروع اقتصادي اجتماعي صحي تتطلب وقفة جدية من الحكومة العراقية وقيام الوزارات المتخصصة بعمل مشترك وإدراجها ضمن مشاريع وزارة التخطيط التي تتطلب رصد التخصيصات المالية في الموازنات السنوية باعتبارها أولوية غير قابلة للتأجيل لطبيعتها الإستراتيجية وتشكيل لجنة تنسيقية مشتركة من وزارة التخطيط ووزارة الكهرباء ووزارة الصحة وأمانة بغداد ووزارة البلديات ووزارة الصناعة لوضع استرتيجية متكاملة وإن تقوم كل هذه الوزارات بتحديد أدوارها في هذه الإستراتيجية والسير بخطى واثقة للتنفيذ مجتمعة ومنفردة .