اعمدة طريق الشعب

المشاريع الحكومية المعطلة / إبراهيم المشهداني

تشير البيانات الحكومية المعلنة إلى وجود تسعة آلاف مشروع معطل بينها 750 مشروعا في بغداد وهذه المشاريع موزعة على مختلف المحافظات والوزارات ونسب الانجاز فيها تتراوح بين الصفر والـ85 في المائة . وأكثرها ذات نسب انجاز قليلة واقلها ذات النسب العالية .
وتجمع أراء الباحثين في الشأن الاقتصادي العراقي على أن أهم هذه الأسباب يكمن في الفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة حيث لم تخرج بعض هذه المشاريع عن الورق الذي كتبت عليه وهي مشاريع وهمية وقد تمت مصادرة الأموال المخصصة لها بطرق ملتوية، و السبب الأخر يرجع إلى تضخيم تكاليف المشارع بأكثر من تكاليفها الحقيقية، فيما توقفت مشاريع أخرى بعد دخول البلاد في مستنقع الأزمة المالية نتيجة الانخفاض الكبير في أسعار النفط . و سبب عجز الحكومة عن التخطيط لمثل هذه الظروف هو ضيق الرؤية وضعف كفاءة إدارة الاقتصاد، بالإضافة إلى الظروف الأمنية التي تستنزف مبالغ كبيرة من تجهيزات عسكرية من العدة والعتاد ونفقاتها التشغيلية الواسعة التي اقتضتها ظروف الحرب ضد الإرهاب الذي دمر وخرب ، وزادته الهزيمة العسكرية واحتلال المحافظات الغربية والشمالية، ويضاف إلى تلك الأسباب عدم كفاءة الشركات التي يحال إليها تنفيذ المشاريع بسبب المحسوبية والمنسوبية لأنها ليست ذات اختصاص في هذا النوع من المشاريع ، ولابد من الإشارة إلى ان معظم هذه المشاريع لم تحض بما تنبغي من المتابعة والتواصل، خاصة ظاهرة الإهمال الكبير من قبل المهندسين المسؤولين عن متابعة هذه المشاريع ولجوئهم إلى ابتزاز الشركات او المقاولين.
ولم تتوقف الأسباب عند هذا الحد بل هناك الضعف في الدور الرقابي وتباطؤ ديوان الرقابة المالية في إجراء المسح الرقابي على تدقيق نسب تنفيذ هذه المشاريع وتدقيق العقود المبرمة في أوقات منتظمة، إضافة إلى ضبابية أو عمومية التعليمات الناظمة للعقود القابلة للاجتهاد واختلاف التفسيرات ، والارتجال في إسناد المشاريع خاصة ما تسمى بالدعوات المباشرة .
إن كثرة هذه المشاريع وتعاظم تكاليفها؛ ألقى على الحكومة في ظروفها المالية الراهنة صعوبة كبيرة في انجازها بالرغم من الحاجة الماسة إليها مما يزيد من تراجع البلاد اقتصاديا واجتماعيا ، لهذا يتعين أجراء دراسة شاملة للخروج من هذا المأزق الكبير على أساس دراسة الجدوى لكل مشروع وأهميته الاقتصادية . وزارة التخطيط هي المعنية قبل غيرها بمتابعة تنفيذ هذه المشاريع اقترحت لحل هذه الإشكالية الكبرى التي تورطت فيها معظم الوزارات ، حذف 296 مشروعا وتأجيل 2196 مشروعا بلغت كلفتها 36 تريليونا و720 مليار دينار وبالمجمل فإن مجموع تكاليف المشاريع المقترحة للحذف والتأجيل يبلغ 48 تريليونا و870 مليار دينار .
إن معالجة هذه الإشكالية لا يمكن إن تكون من خلال حذف المشاريع وتأجيل البعض الآخر التي تشكل أكثر من ثلث المشاريع المخططة وتعد عمود البنية التحتية المطلوب إعادة بنائها، بل لابد من اتخاذ خطوات مسؤولة من اجل أحياء هذه المشاريع عبر حزمة من الخطوات :
• تشكيل لجنة من هيئة المستشارين في مجلس الوزراء لدراسة هذه المشاريع وتصنيفها على أساس معايير محددة تأخذ في الحساب أهميتها الاقتصادية والاجتماعية ووضع توقيتات زمنية والطرق المناسبة لتنفيذها
• محاسبة المتسببين في تعطيل هذه المشاريع والعمل على إعادة الأموال المهدورة والمسروقة بالطرق القانونية وتفعيل القضاء في هذا المجال.
• تخصيص جزء من قرض صندوق النقد الدولي لانجاز المشاريع ذات النسب العالية في الانجاز والمشاريع الأكثر أهمية .
• من اجل استكمال المشاريع المتوقفة ومتابعة انجاز المشاريع المحالة إليهم ، من الممكن تسديد مستحقات المقاولين أو الشركات عن طريق السندات المالية واذونات الخزينة .
• إعادة النظر في فلسفة إعداد الموازنات السنوية القادمة لتكون على أساس البرامج وليس على أساس البنود وإعطاء هذه المشاريع نصيبها من الانجاز .
وخلاصة الكلام فإن أفضل الحلول تصبح بلا معنى مع استمرار الفساد وابقاء الفاسدين في مواقع القرار .