اعمدة طريق الشعب

الطريق إلى استقرار سعر صرف الدينار / إبراهيم المشهداني

منذ سنوات وسعر صرف الدينار العراقي يتحول إلى قضية جدلية شائكة ويوجه النقد إلى سياسة البنك المركزي التي تتحول في نظر المتابعين إلى سبب أساس في تقلبات سعر الصرف وما ينتج عنه من اثار سلبية تعطل عملية التنمية الاقتصادية واستقرار السوق .
وتبدي اللجنة المالية البرلمانية قلقها مما يجري في السوق من اضطراب ناشئ في كثير من الأحيان إلى عمليات تحايل جديدة للتلاعب بأسعار الدولار تقوم بها شركات صيرفة ومصارف أهلية وتحذر من محاولات الالتفاف على قروض البنك المركزي المعرضة للتبديد من قبل المافيات الاقتصادية التي تحولت إلى إخطبوط يمد اذرعه في مختلف القطاعات وخاصة القطاع المصرفي ، تلك القروض التي لو يتم توزيعها بطريقة رصينة لأسهمت في تفعيل القطاعات الاقتصادية على اختلافها.
ويرى بعض الاقتصاديين ان تخفيض سعر صرف الدينار العراقي هو احد الأساليب المهمة لمعالجة العجز في الموازنة وفي تصورهم إن هذا التخفيض سيوفر للخزينة كميات من الدنانير أكثر مقابل الدولار ، وقد نسي هؤلاء إن تخفيض سعر الدينار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة ليتجاوز معدل التخفيض في سعر الصرف وينتهي في نهاية المطاف إلى انخفاض القوة الشرائية للدينار، في وقت انخفضت فيه مداخيل المواطنين نتيجة إجراءات التقشف التي لجأت إليها الحكومة لمواجهة أزمتها المالية ، خصوصا وان العراق تحول إلى مستورد.
وبالرغم من الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي والتي جاءت متأخرة ولكنها على كل حال كانت في الاتجاه الصحيح على أن تكون مقترنة بتطويرها واتخاذ المزيد من الإجراءات الرقابية والتدقيق في تعاملات المصارف الأخرى الحكومية او الخاصة وشركات الصيرفة التي غالبا ما تلجا إلى أساليب التحايل في تقديم المستندات المزورة أو الصكوك الطيارة لغرض الاستحواذ على الدولارات في مزاد البنك المركزي وكانت فضائحها قد أزكمت الأنوف وألحقت أفدح الأضرار في الاقتصاد العراقي عبر غسيل الأموال وإخراج العملة الصعبة إلى خارج البلد وتحقيق أقصى الأرباح من خلال استغلال الفرق في أسعار الصرف .
لهذه الأسباب من الضروري التقيد بالقرارات الحكومية الأخيرة المتعلقة بحصر شراء العملة بشركات مسجلة في وزارة التجارة والإجراءات التي صرح بها البنك المركزي من خلال ما يلي :
1. وضع تعليمات محددة وواضحة من قبل البنك المركزي لتلبية الطلبات المشروعة والتي تكون معززة بالاعتمادات المستندية أو تغطية نفقات المعالجة الطبية خارج البلاد أو الدراسة في الخارج او التحويلات الخارجية للمواطنين من بيعهم ممتلكاتهم على إن تكون معززة بالمستندات الرسمية حيث ان من شان هذه الترتيبات ان تزيد من الموثوقية بالمصارف العراقية .
2. العودة إلى أسلوب الاعتمادات المستندية لتحويل الاستيرادات عن طريق التحول الخارجي في البنك المركزي والكف عن أسلوب الحوالات المصرفية التي يجهل البنك المركزي والمصارف التجارية مصادر تمويلها ومن الممكن الإبقاء على الحوالات ذات العلاقة بالسلع الغذائية سريعة التلف كاللحوم والدواجن والخضر التي يضطر العراق إلى استيرادها لعدم كفاية المنتج الوطني .
3. العمل الجاد من اجل تحسين الموثوقية بالنظام المصرفي العراقي ، من قبل البنوك الأجنبية عن طريق إعادة النظر في التصنيف الائتماني في البنوك العراقية وهذا يتطلب التنسيق بين البنك المركزي العراقي والمصرف العراقي للتجارة في اتخاذ الترتيبات الضرورية لإيجاد صيغة تستجيب لشروط البنوك الأجنبية من جهة والحفاظ على المال العام من جهة أخرى
4. معالجة المشاكل التقنية في المصارف والعمل على إدخال التكنولوجية المتطورة في كافة العمليات المصرفية.
5. إعادة النظر في مفهوم إصلاح القطاع المصرفي بالابتعاد عن المنظور الإيديولوجي الصرف بالاستناد إلى تجارب بلدان تختلف كثيرا عن ظروف بلادنا وإنما الانطلاق من الواقع الاقتصادي وموجباته واشكالياته السياسية والاقتصادية .