اعمدة طريق الشعب

لماذا الخوف من استمرار الارتفاع في سعر الصرف ؟ / إبراهيم المشهداني

تعد إعادة الاستقرار إلى السوق النقدية ،في الحالة العراقية، المدخل الرئيسي للسيطرة على معدلات التضخم ، وهي الوظيفة الأبرز للبنك المركزي العراقي. كما ان الدينار العراقي يعد الموجود النقدي الأكثر أهمية للقيام بوظائف النقود من اجل السيطرة على مناسيب السيولة النقدية تبعا لتوفر الأدوات النقدية المتاحة .
ومعروف للمتابعين للشأن الاقتصادي وللسياسة النقدية التي يديرها البنك المركزي، ان هذه السياسة أصبحت خلال السنوات اللاحقة للتغيير في عام 2003 هدفا للنقد الذي يخص العديد من جوانبها وخصوصا ما يتعلق بنافذة بيع العملة ، (مؤخرا حذر بعض خبراء الاقتصاد عبر وسائل الإعلام من مغبة استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار)، بسبب ضعف دورها في عملية التنمية الاقتصادية وخصوصا اعتمادها على نافذة بيع العملة الأجنبية كأداة وحيدة لتحديد سعر صرف الدينار العراقي، وما شاب هذه العملية من فساد كبير تمثل في غسيل الأموال ومن ثم تهريبها إلى الخارج، وتأثيرها السلبي على كمية الاحتياطي النقدي بأساليب الحيلة والخداع.
ولعل من أوجه استغلال نافذة بيع العملة الافادة مما ينجم من فروقات بين سعر الدينار مقابل الدولار في بورصة البنك، وبين سعره في السوق، وهي الفروقات التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات تدخل في خزائن التجار عن طريق المضاربات المالية في السوق ما يجعل البنك المركزي عاجزا عن مواجهتها واتخاذ الإجراءات الضرورية للحد منها وإيقافها. فعلى سبيل المثال في نهاية شهر أيار من العام الحالي باع البنك المركزي 132 مليون دولار بسعر 1190 دينارا مقابل الدولار فيما ارتفع السعر في السوق إلى 1300 دينار. وكانت النتيجة إن حققت المصارف وشركات الصيرفة ربحا قدره 110 دنانير في الدولار الواحد، إي إن حجم الربح الإجمالي الذي حققته بلغ 11،17 مليون دولار! فلنتصور حجم الإرباح من الدولار المتحققة خلال الأشهر الخمسة الاولى فقط من عام 2016 .
وما تقدم يشير دون لبس الى إن هناك تحديات كبيرة يواجهها البنك المركزي، تكاد تؤدي الى فقدانه استقلاليته، وفي مقدمتها تدخل الكتل السياسية النافذة في شؤون البنك، لأن لها مصالح مشتركة مع التجار المهيمنين على نافذة بيع العملة ، ونظراً لاتساع المضاربات المالية التي تمارسها المصارف الأهلية في ظل رقابة ضعيفة ودور امني اقتصادي عاجز عن متابعة العناصر المضاربة. وهذه المضاربات تكتسب طبيعتها الجنائية من دورها في تخريب الاقتصاد الوطني، وفي حرمان الطبقات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة من حقها الدستوري في التوزيع العادل للثروة الوطنية. من هنا يتعين على البنك المركزي التمسك بالمعايير السبعة التي أعلنها يوم 10 آب الجاري، وعلى السلطة التنفيذية والبرلمان القيام بواجباتها التي حددها الدستور، واتخاذ منظومة من الاحراءات نذكر منها :
•تحديد الأولويات في إستراتيجية البنك المركزي للسنوات 2016-2020 التي تتمثل في تحقيق الاستقرار المالي، وتفعيل دور القطاع المصرفي وتطوير البنية التنظيمية وهيكلة الجهاز المصرفي. كذلك تطوير رأس المال البشري وتكامل العلاقات الداخلية والخارجية، وممارسة الرقابة اليومية عبر دائرة الكترونية متطورة لرصد التعاملات المصرفية اليومية .
•إعادة النظر في الأدوات النقدية وآلياتها وإيجاد آليات أخرى لتلبية متطلبات السياسة الاستيرادية من العملة الأجنبية، وإعطاء هذا الدور لوزارة التجارة، ومنح المصارف الحكومية صلاحية بيع العملة الأجنبية وفق تعليمات محددة .
•إعادة تصنيف المصارف وأنشطتها من قبل شركات دولية معتمدة، وتحديد المصارف الضعيفة والتي تفتقر إلى الكفاءة المطلوبة من اجل تقديم الدعم لها من قبل البنك المركزي كي لا تصل إلى درجة الإفلاس .
•وضع سياسة ادخارية جديدة من اجل جذب مكتنزات المواطنين التي تشكل 77 في المائة من الكتلة النقدية في السوق، على طريق استثمارها في القطاعات الإنتاجية، وتنشيط عملية التنمية الاقتصادية باعتباره إحدى مهام البنك المركزي.