اعمدة طريق الشعب

14 عاما .. حصيلة عامة محزنة! / محمد عبد الرحمن

اليوم يكون قد انقضى 14 عاما على رحيل الدكتاتورية البغيضة غير مأسوف عليها، وما زالت ترتسم امامنا الصور المتناقضة:
- ابو علوج يصرخ بقرب هزيمة العدوان .
- الطاغية في الاعظمية ، قبل ان تختفي اخباره حتى اصطياده في جحره .
- دبابتان امريكيتان وسط جسر الجمهورية .
- المواطنون في ساحة الفردوس يسحلون تمثال الطاغية ، بعد أن أطاح به جنود المارينز . للتذكير: غطاه احد الجنود بالعلم الامريكي ثم سرعان ما استدرك وسحبه بسرعة فائقة، ربما جاءه ايعاز عاجل ! عُد ذلك السحل مؤشرا على البداية الفعلية للسقوط المدوي للنظام المقبور
- سلب ونهب مؤسسات الدولة ، حوسم الناس كل شيء ، بل احرقت مؤسسات بكاملها ، فيما ابو تحسين ومن معه في موقفه يمطرون صور الطاغية بوابل من ضربات « النعل«.
- استصدار قرار مجلس الامن 1483 ( ايار 2003) الذي شرعن الاحتلال .
- الانتهاء من نقل السلطة في 28 حزيران 2004
- 31 كانون الاول 2011 كان يوم انهاء الوجود العسكري الامريكي لتحل محله اتفاقية الاطار الاستراتيجي بين العراق وامريكا !
هذا الخليط المتناقض تواصل وامتد حتى الان ، فالحرب التي ادت الى انهيار نظام الطاغية صدام ، جاءت ايضا بعدم الاستقرار والانفلات الأمني ،وقادت الى انهيار الدولة وتوقف عمل مؤسساتها. ولا غرابة في ذلك، فقد كان هناك قبل نيسان 2003 ، تياران ومنهجان رئيسيان للتعامل مع ازمة النظام المباد ولحلها لصالح الشعب, وهذان التياران متواصلان حتى اللحظة ، فهناك من فضل الاعتماد على الحرب والغزو والدعم الخارجي ، وهناك من أصر ويصر على خطأ هذا الطريق المهلك ، وقال ويقول بان الأساس هو العامل الداخلي ، مدعوما باسناد وتضامن دوليين وشرعيين.
فالتناقض لم يعد بين الشعب والاحتلال فحسب، وبين الشعب وقوى الظلام والتطرف والإرهاب على اختلاف مسمياته وبقايا أزلام الطاغية. فالتياران الرئيسيان المذكوران ما زالا يتصارعان على منهج إدارة الدولة ومستقبل البلد ووجهته، وهو الذي لم يستقر على حال بعد. بل ان الصورة تتعقد بفعل استمراء احد التيارين ، وهو المتنفذ الذي آلت اليه امور السلطة وتحكم بها بعد التغيير ، وإصراره على نهج خاطئ حوله في الممارسة الى خطيئة كبرى، رغم الدخان الكثيف الذي يطلقه مناصروه عن الوطنية واستقلالية القرار والمواطنة العراقية ، التي هشمت وكسرت وخربت سياساتهم المقيتة أسسها السليمة . فهم قد جعلوا كل شيء بلا ضفاف ، وفتحوا أبواب الوطن على كل الاحتمالات بما فيها الاسوأ .
بعد 14 سنة جرت مياه كثيرة ، وتكشف الكثير من الامور ، وبان الكثير من الحقائق ، وتفاقمت المشاكل والازمات. لكن ما زال المنهجان يخوضان الصراع ، هذا الصراع الذي يتوجب الاصرار على ان يكون سلميا ، وعلى تجنب الضرب تحت الحزام ونبش الماضي وما يحمل من قراءات مختلفة ومن تهييج لغرائز الناس. « فالرجل الشريف يحارب الفكرة بالفكرة « كم قال القائد الشيوعي السوداني الكبير الشهيد عبد الخالق محجوب .
البلد في ازمة عامة شاملة ، ازمة نظام حكم وحكومة. هذه هي الخلاصة العامة وحصيلة الـ 14سنة المنقضية على رحيل الدكتاتورية، الذي كان الوجه الايجابي الأبرز بعد 2003 .
انها حصيلة مؤسفة ومحزنة ، وما كان شعبنا ينتظرها بعد سنوات الدكتاتورية العجاف. لكنها أيضا تحمل الشيء ونقيضه ، لذا ستكون الحافز والدافع الى حراك لا يتوقف، حتى يطيح برموز المحاصصة والفساد والفشل .