اعمدة طريق الشعب

يكول الوزير! / حسين الذكر

اتذكر ايام حرب الثماني سنوات الطاحنة، التي ما زلنا ندفع الكثير من فواتيرها الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية والتربوية.. ان رؤساء عرفاء الوحدات، وكان يطلق عليهم لقب (جولة)، للدور الكبير الذي يؤدونه في ايذاء الجنود. احد اولئك (لا يذكره الله بخير)، كان مسيطر على الوحدة سيطرة مطلقة، اذ انه يامر وينهي باسم ضابط الوحدة - صدقا او كذبا، وكان يتحدث دوما باسم الآمر، كل ما يقول يسنده اليه، قائلا: (يكووول الآمر، قرر الآمر، يسجنكم الآمر.. يحرمكم الآمر، يمنحكم الآمر... وهكذا...). كان يفتك بالجنود، بعد ان ضمن مقدما السلطة والصلاحية المطلقة والتخويل من قبل قائد الوحدة، لاستغلال الجنود، الذين راحوا يدفعون الغالي والنفيس، للتخلص من ضيم ذلك اللعين.
بعد سنوات، انتهت الحرب وتغيرت الدنيا كسنتها الدائمة، جمعتنا المصادفة بآمر الوحدة بعد ان تقاعد، فقام بسرد الذكريات: (لقد كنت آمرا شريفا، لم اتدخل ولم اعاقب احد، بل كنت اساعد، بشكل ملفت)، فاجبت: (صحيح، ان سمعتك كانت جيدة، لانك لم تتدخل بشكل مباشر، لكنك تركت المقود بيد اسوأ خلق الله، الذي اذاق الويل للجنود، وتحكم بمصائرهم لحسابك وحسابه الخاص، فان كنت تعلم فإثمك ضعفين، وان لم تكن تعلم.. فذاك عار ابدي محسوب عليك).
قطعا ذاك الحال، لم يكن في المؤسسة العسكرية فقط، بل ان حياة العراقيين متشابهة، تعم اغلب مؤسسات الدولة، ان لم يكن جميعها، وقد سمعت الكثير من مثل هذه الادوار التي كان يلعبها ويؤديها، بعض الرياضيين ايام الدكتاتورية، مستفيدين من مواقعهم واستغلال مناصبهم لتخويف الناس، حيث كان بعضهم، يستخدم اسماء السلطة لتنفيذ مخططاتهم ومآربهم على حساب المسؤول - نائما او صاحيا - تحت عنوان (كال ويكول).
يحكي بعضهم، ان البعض - في زمن الديمقراطية والفوضى الحالية - يستغل اسم المسؤول وزيرا كان او رئيس مؤسسة، لتحقيق اغراضه الخاصة و مصالحه باسم الوزير، فتراه يصدر الاوامر التعسفيه المزاجية يوميا، (كال الوزير وحجه الوزير وتغديت مع الوزير وتعشيت مع الوزير.. والوزير، يرتئي قطع راتب موظفي العقود، هذا الشهر، بسبب التقشف والخلل في الميزانية والمصلحة العامة تتطلب ان نشد الحزام (براس الفقراء)، والوزير يكووول راح نقلص لان رواتب ماكو، وهذا يعني الاطاحة بمن ليس لهم ظهر، وما اكثرهم واكفأهم في عراقنا الجديد الغاص حد الاختناق بالمنافقين والمتلونين والمتسترين بالشعارات الرنانة )، لذا تراه يامر وينهى، يعين ويطرد،يعفي، يجيز ويحاسب كيف ما اشتهى، والحجة والدليل والمادة والسند القانوني والغطاء الدستوري (يكوووول الوزير)..
هنا لابد لنا ان نعاتب المسؤول ايا كان، دكتاتوريا ام ديمقراطيا ـ عسكريا ام مدنيا، ظاهريا ام سترويا)، ان الدائرة، ليست ملكا شخصيا تمنح وتخول رقاب الناس فيها لكل من هب ودب، وان الظالمين عمرهم قصير مهما تستروا خلف السواتر والميادين، والتجارب وسنن الاولين والاخرين، تنبئ بعد ذاك ما سيحين ولو بعد حين. رحم الله الشاعر سامي البارودي حينما تغصغص آهات..(هي ايام تقضى والفتى حيثما كان اسير للقدر، فأصبري يا نفس حتى تظفري... ان حسن الصبر مفتاح الظفر).
فالبعض منا اهل الرياضة يتذكرون ايام الدكتاتورية وكيف وظّف البعض اسماء الطغاة لمصالحهم ومنافعهم، حيث (قال الاستاذ.. وأمر الاستاذ.. ومنح الاستاذ وهكذا). والكل لا يصل الى مكتبه او يناقشه.
لا نريد لهذه الصورة ان تتكرر اليوم في مؤسساتنا الرياضية من قبل بعض المتنفذين والقريبين من (المعالي والكابتن والنائب).