اعمدة طريق الشعب

ظاهرة التصحر تزداد خطورة / ابراهيم المشهداني

يواجه العراق الان، اكثر من اي وقت، واحدة من اكبر المخاطر البيئية التي تهدد الامن الغذائي، فيما العراقيون بأمس الحاجة اليه. وتزداد مساحة التصحر لتشمل فقدان المزيد من الاراضي الصالحة للانتاج الزراعي واستمرار هبوب العواصف الترابية الشديدة التي تؤدي الى تلوث الهواء وتعريض القطاع النباتي الى شتى الامراض الفتاكة، في وقت لا تتمكن الدولة بأزمتها المالية الراهنة من تنفيذ برامجها في مجال مكافحة هذه الاوبئة.
ان الاجراءات الخجولة التي اتخذتها وزارة الزراعة في مواجهة هذه الظاهرة لحد الان لا تستقيم مع متطلبات مكافحتها لا على الصعيد الداخلي، ولا في مجال التعاون مع المنظمات الدولية في عملية واسعة النطاق سواء من خلال زراعة الاشجار المقاومة للجفاف او من خلال توزيع المرشات المدعومة على الفلاحين لأجل تشجيعهم على اعادة الكثير من المحميات الزراعية.
لقد شملت ظاهرة التصحر العديد من المناطق في كافة المحافظات ومنها على سبيل المثال في محافظة بابل - الشوملي والمدحتية، وفي صلاح الدين - تكريت وبيجي، وفي القادسية – عفك، بالإضافة الى اغلب اراضي الانبار، وكذلك في الناصرية - البطحاء ومركز الناصرية والبصرة وفي كربلاء - مقاطعة الكرط وعين التمر والرزازة وفي نينوى- الحضر والسخنة (الصاخنة).
ان ما يسهم في توسع فضاءات التصحر عمليات تجريف البساتين والاشجار داخل المدن وهي تجرد هذه المدن من خضرتها وجمالها ونقاء هوائها مما يعرض بيئتها الى شتى المخاطر ليس اقلها اختلال التوازن البيئي وفقدان الاراضي المنتجة بالإضافة الى، وهذا مهم جدا، تحميلها اعباء مالية كبيرة تتمثل بتكاليف توصيل خدمات الطاقة الكهربائية والمياه الصالحة للشرب والخدمات البلدية مع ما يرافق توفير هذه الخدمات في ظل العجز الحكومي ليس فقط من مخالفة القوانين وانما يمتد الى انتعاش الفساد والفاسدين في عملية اغواء المواطنين حيث تتحول الى احياء سكنية لا يمكن قانونيا توصيل تلك الخدمات اليها.
ولا شك ان ظاهرة التصحر في العراق تفاقمت لعدة اسباب وقي مقدمتها انخفاض مناسيب المياه من دول الجوار التي رغم ما لها من علاقات اقتصادية تصب في مصلحتها الا انها لا تعطي العراق حصته المائية بعدالة حيث عملت ايران على اقامة السدود على الأنهر والروافد الرابطة بين البلدين وشكلت نقصا في كمية المياه الداخلة الى العراق بنسبة 80 المائة وبالمثل تعمل تركيا على مصادرة حقوق العراق المالية عبر ما يسمى مشروع الغاب فضلا عن مواسم الجفاف المتتالية منذ عقود، يضاف الى ذلك انخفاض كفاءة عملية السقي لتقادم المضخات المائية وعدم ادخال التكنولوجيا في هذه العملية وهذه العوامل بمجملها زادت من نسبة الاراضي المعرضة للتصحر الى 92 بالمائة من مجموعة المساحة الاجمالية المخصصة للزراعة التي انخفضت من 48 مليون دونم الى 12 مليون.
لكل ذلك وقبل ان تتحول ظاهرة التصحر الى مجرفة لموارد العراق الاقتصادية، يتعين مراجعة السياسة المتبعة في هذا المجال واتخاذ الخطوات العاجلة لمواجهة خطرها من خلال:
• التعاون الكامل بين المؤسسات الحكومية والتجمعات الزراعية والاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية في مجال التوعية الاعلامية والارشادية لتبصير الفلاحين والمزارعين بنوع الامراض وطرق مكافحتها.
• متابعة فاعلية المبادرات الزراعية ومتابعة القروض الممنوحة للفلاحين من قبل المصرف الزراعي وفروعه لمنع استخدامها في غير الاغراض المخصصة لها وتنشيط دور الاجهزة الرقابية وخاصة مكاتب المفتشين العموميين.
• وضع استراتيجية واقعية من اجل توسيع عمليات التشجير في المناطق الصحراوية وخاصة في اطراف المدن لمواجهة العواصف الترابية وعمل مصدات لحركة الرمال.
• ايقاف عملية تجريف البساتين والمناطق المشجرة داخل المدن وعدم تحويلها الى مناطق سكنية تقف وراءها مافيات يسندها سياسيون فاسدون في مخالفة صريحة للقوانين النافذة.