اعمدة طريق الشعب

بين واسط ونينوى الكبريت ينهض من جديد / ابراهيم المشهداني

من محافظة واسط تشير الاخبار الى ان الملاكات النفطية العاملة في حقل الاحدب النفطي تمكنت وللمرة الاولى من انتاج مادة الكبريت وبطاقة اولية بلغت 15 طنا ازداد في فترة قياسية الى 18 طنا ويمكن ان يتطور الانتاج الى كميات اكبر ليسهم في تعزيز الصناعة الوطنية .
ومهما يكن من امر هذا الخبر والكمية الشحيحة من انتاج هذه المادة فانه على تواضعه الكمي يستفز الاقتصادي والبيروقراطي الحكومي والمستثمر الذي يتأمل الفرص لتشغيل رأسماله في مشاريع مربحة ومفيدة ، لكن في الوقت ذاته يدرك الجميع ان ملف انتاج الكبريت في العراق الذي بدأ منذ اربعة عقود حيث تم تأسيس الشركة العامة لكبريت المشراق لتتولى عملية استخراج الكبريت وتنقيته من الشوائب ويصبح سلعة تدخل في الكثير من الاستخدامات الصناعية والزراعية فضلا عن وظائفه الكبرى في الحفاظ على صحة الانسان باعتباره اثمن رأس مال في كل زمان ومكان ، لابد لهذا الملف ان يأخذ حصته من الاهتمام الحكومي الجاد .
ولان الكبريت كسلعة استراتيجية تدخل في العديد من الاستخدامات الصناعية فضلا عن كونه اهم عنصر كيميائي تجاري في العالم ويستخدم في انتاج الاصباغ ودهانات الطلاء وصناعة الورق والمنسوجات وعدد من الكيميائيات ، وفي انواع الاسمدة والمبيدات والمطاط والشامبو والبطاريات الصناعية، وكذلك في عمليات تكرير النفط وصناعة الادوية والمواد الكيمياوية المستخدمة في افلام التصوير ، فقد حضي باهتمام دولي واسع ففي البحرين انعقد المؤتمر الخامس للكيمياء في الصناعة لبحث التحديات الخاصة بالتخلص من الشوائب التي تصاحب مادة الكبريت في حالته الطبيعية شارك فيه العديد من الدول المنتجة والمستهلكة للنفط والعراق من بينها وقد خلص المؤتمر الى مجموعة من التوصيات منها استقطاب الافكار الجديدة في مجال التكنولوجيا العالمية وتكثيف حملات التوعية وخاصة في القطاعات الصناعية .
وعلى الرغم من اكتشاف الكبريت في العراق منذ خمسينات القرن الماضي الا ان العمل على استثماره اقتصاديا قد تأخر كثيرا فقد ظل استثماره مقتصرا على عزل الكبريت المصاحب للنفط في معمل استخلاص الكبريت في كركوك وبطاقة 150 الف طن سنويا على الرغم من امتلاك العراق احتياطي كبير من الكبريت الرسوبي يقدر بـ 600 مليون طن في منطقة المشراق في جنوب الموصل الذي يعد اهم الحقول في عملية انتاج الكبريت المنجمي وهو أعلى معدل في العالم ، مما يجعل الفرص متاحة امام العراق في انتاج المزيد من مادة الكبريت ليس فقط للاستهلاك المحلي وإنما العمل على تصديره الى خارج العراق بعد دراسة الاسواق العالمية المستهلكة لهذه السلعة الاستراتيجية والتي تشكل افقا واعدا للتعامل التجاري على مستوى العالم لاسيما ان العراق ما زال يعطي الاولوية للريع النفطي ومتخلف في الصناعة التعدينية التي لو حظيت باهتمام اكبر لاحتل مكان الريادة فيها نظرا لما يمتلكه من احتياطي كبير من المواد التعدينية المتمثلة ليس فقط في مادة الكبريت وانما الفوسفات والاحجار الكلسية التي تتطلبها السوق المحلية والتي تدخل كمادة اولية في الكثير من الصناعات الضرورية لإعادة البنية الاقتصادية والبنية التحتية. وحيث ان العراق مقبل على الانتصار الناجز على قوى الارهاب وتصفية مخلفاته امنيا وسياسيا واجتماعيا فانه مدعو الى مراجعة شاملة لسياساته الاقتصادية فضلا عن سياساته في النواحي الاخرى ولعل توسيع الانتاج في هذه السلعة الاستراتيجية يتطلب حزمة من الخطوات نوجزها في ما يأتي :
1. وضع الخطط الضرورية للتنسيق بين وزارات التخطيط والصناعة والزراعة والصحة والنفط وبقية الوزارات ذات العلاقة والشركات الصناعية الوطنية والشركة العامة في المشراق لتفعيل عملية الانتاج بما يلبي حاجة الطلب المحلي .
2. ادخال مكامن تواجد الكبريت في مشاريع الاستثمار المحلي والاجنبي الى جانب الاستثمار الحكومي وادخال التكنولوجيا المتقدمة لزيادة الانتاج وتحسين نوعيته لتحفيز الطلب عليه .
3. تعزيز الدعم المالي للشركات الحكومية لتحديث مكائن معاملها التي تقادمت وقلَّت انتاجيتها وتحسين اساليب عملها وتطوير كفاءة كادرها العامل وتحديث اداراتها.