اعمدة طريق الشعب

اجراء الاحصاء السكاني العام مهمة ملحة / ابراهيم المشهداني

توقفت الاحصاءات السكانية منذ عام 1997 بسبب تأزم الاوضاع الامنية وضعف جدية الحكومات المتعاقبة بالرغم من اهمية تلك الاحصاءات ليس فقط في رسم السياسات السكانية وانما ايضا في رسم الخيارات الاقتصادية – الاجتماعية ذات العلاقة بالوضع السكاني في العراق وادماجه في عملية الاصلاح الاقتصادي وحشد الامكانات والطاقة المتاحة والممكنة التوظيف في عملية التنمية المستدامة والتماهي مع المتطلبات البيئية والاجتماعية والثقافية. وعلى الرغم من قيام وزارة التخطيط بتوفير بعض الاحصاءات المتعلقة ليس فقط بما يتعلق منها بعدد السكان وانما ايضا البيانات المتعلقة بالاقتصاد والمجتمع والثقافة وغيرها الا ان هذه البيانات التي تردها من الدوائر الحكومية والوحدات المتخصصة المرتبطة بها هي في كل الاحوال تفتقر الى الدقة والنقص الشديد خاصة في الوحدات الادارية المرتبطة بالمحافظات الساخنة وان الكثير منها يعتمد على التخمين لهذا نرى اختلاف الارقام وتناقضها احيانا حتى في الموضوع الواحد .من هنا تنهض الحاجة ماسة للقيام بإحصاء سكاني عام .
فالإحصاء العام والشامل يوفر المعطيات التي يتطلبها التصنيف الوطني للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والتوزيع السكاني وهذه المهمة لابد ان تأخذ في الاعتبار عند اعداد الاستمارات الاحصائية بهدف ايجاد اطار عام من خلال الاحصاءات للمقارنة بين هذه الانشطة والفعاليات على اختلاف عناوينها وتبيان مؤشرات تطورها على المستوى الكلي والمستوى القطاعي ، كما انه من الضروري الاستفادة من البيانات الاقتصادية التي توفرها مخرجات الاحصاء واستخدامها في ايجاد علاقة بين المؤسسات الاقتصادية ودورها في رسم السياسات الاقتصادية في البلاد عموما .
كما ان النتائج المتعلقة بعدد السكان تعكس لنا التغيرات السكانية وانعكاسات الهجرة الى بلدان اللجوء على الموارد البشرية وخاصة من فئة الشباب والخريجين والكفاءات الوطنية من مختلف الاختصاصات باعتبارها عوامل مهمة في حركة النشاط الاقتصادي والاجتماعي ، كما ان نتائج التعداد السكاني تؤشر العلاقة بين النشاط الاقتصادي وتوزيع السكان الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بعوامل الصناعة والزراعة واماكن تواجدها .
وتوفر لنا المخرجات الاحصائية السكانية بالإضافة الى ما تقدم عدد الرجال وعدد النساء على اساس المهن والعمر ونسبة المتعلمين والاميين من كلا الجنسين بالإضافة الى عدد العاملين في القطاعين الحكومي والخاص وعدد العاطلين وطبيعة سوق العمل ومدى استعداده لاستيعاب الخريجين الذين يقدر عددهم السنوي ب 350 الف ما لم تستطع الاحصاءات التخمينية توفيرها بما تسهم في رسم سياسات التوظيف في القطاعين في القطاعين .
بيد ان الاحصاء الذي نتحدث عنه يواجه في الظروف الراهنة العديد من التحديات ليس بسبب الاوضاع الامنية وقلة الاموال الكافية واسباب ادارية وتقنية فقط وانما وهذا هو المهم غياب الارادات السياسية وصراع القوى الحاكمة على شكل الاستمارة الاحصائية حول شكل ومضمون الايضاحات المتعلقة بالهويات الطائفية التي درجت عليها في تامين مصالحها السياسية ، في قضية اشكالية غادرها الحكم الملكي في عام 1935 .
ان الحكومة وهي تعلن عن قرب الانتصار العسكري على الارهاب ، واستعدادها للحوار مع سلطة الاقليم بهدف حل الخلافات العالقة بينهما واذا ما نجحت في حل المسائل العقدية فستكون الاجواء العامة مناسبة لإجراء الاحصاء السكاني العام في كامل الرقعة الجغرافية العراقية ،وبالتالي يتعين عليها توفير مقومات الاحصاء من خلال :
1. قيام الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط بالتنسيق مع وزارات الدولة كافة بما فيها اقليم كردستان للاتفاق على وضع استمارة احصائية شاملة مدنية الطابع لكافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والاحوال الشخصية للمواطن خالية مما يفرق المواطن ويتعارض مع روح الدستور .
2. العمل على وضع خطة متكاملة لعملية الاحصاء تشترك فيها وزارات الدولة واجهزتها كافة وتحشيد الموارد البشرية المادية الكافية للقيام بعملية الاحصاء وشمولها كافة محافظات العراق بما فيها الاقليم ، واستخدام التقنيات التكنولوجية للتسريع بإنجاز هذه المهمة .
3. الاستفادة من تجارب الدول الاخرى المشابهة لظروف العراق في هذه العملية وعكسها على خصوصية العراق في استكمال مقومات بناء الدولة العصرية .