اعمدة طريق الشعب

برلمانيون يدعون الى تصفية قطاع الدولة !/ ابراهيم المشهداني

يعلن بعض البرلمانيين عداءه السافر للقطاع الحكومي ويحاول التأكيد الحتمي على فشله دون ان يكلف نفسه في دراسة البنية الصناعية - الاقتصادية والتحديات الذاتية والموضوعية التي تواجه الشركات الحكومية والرجوع الى الدراسات البحثية في المراكز المتخصصة بالإضافة الى الدراسات الاكاديمية المتعلقة بواقع الشركات الحكومية وافاق تطورها .
ففي حين تدعو اللجنة المالية في البرلمان الى خصخصة 200 شركة حكومية خاسرة لأنها تثقل كاهل الموازنة بسبب رواتب فان وكيل وزارة الصناعة والمعادن يشير ان الوزارة عاجزة عن اعادة تأهيل شركاتها وان معالجتها امرها لا يتم الا عن طريق القطاع الخاص وان دور الوزارة الحالي يقتصر على حل مشاكل الشركات ! وعلى النقيض من هذه التصريحات المتشائمة فان نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار حدد بشكل واضح الاسباب التي تقف وراء فشل هذه الشركات معللا المشكلة ليس في تأهيل هذه الشركات وانما بسبب فساد وفشل المدراء العامين مؤكدا ان بعض الشركات الخاسرة تحولت الى شركات رابحة نتيجة لتغيير اداراتها .
ليس هناك بين الاقتصاديين العراقيين ، بغض النظر عن الاختلاف في آرائهم النظرية، من لا يعترف بنجاح ذات الشركات التي يزعم البعض فشلها كما لو ان هذه المزاعم قدرا محتوما فيما هي لا تعدو الا مسايرة لمنهجية الليبرالية الجديدة المعولمة التي تسوقها عمليا المؤسسات المالية الدولية التي تفرضها كمسلمات مستغلة حاجة البلاد الى القروض لسد العجز في الموازنات السنوية ، غاضة النظر عن مئات المليارات المسروقة وفشل الادارات التي اختيرت بطريقة المحاصصة ليتعكزوا اليوم على المأزق المالي الذي تمر به البلاد وليتحول سراق المال العام الى مستثمرين ينظفون اموالهم الوسخة في شراء الشركات الحكومية بابخس الاثمان .
وجدير بالذكر ان القيمة المضافة الناتجة عن الصناعة في القطاع الحكومي قد ازدادت من16 في المائة عام 1960 والى 59 في المائة بالنسبة للصناعات الغذائية والمشروبات والملابس الجاهزة والجلود والاحذية وتصفية النفط عام 1964 ووصلت الى 44 في المائة عام 1970 وفي سبعينات القرن الماضي انتعشت الصناعة التحويلية .
ان المشكلة الحقيقية في ضعف دور الصناعات الحكومية تكمن في قصدية احجام الدولة عن تأهيل الشركات الحكومية وفي تفاقم الاستيراد الخارجي بعد تحرير التجارة الخارجية وتدفق السلع الاجنبية ومعظمها استهلاكية ورفع التعرفة الكمركية عن السلع المستوردة وتهرب الوزارات العراقية من شراء المنتج الوطني رغم انه لا يقل عن المنتج الاجنبي من حيث النوعية. وكذلك عدم التقيد بالقوانين الحمائية للمنتج الوطني وارتفاع مستوى تكاليف المنتج المحلي بسبب التزايد غير المدروس للعمالة العراقية لأسباب حزبية ضيقة وانتخابية .
ان حل مشكلة الصناعة العراقية في القطاع الحكومي لا يكمن في تسويق البيروقراطيين الفاسدين في اجهزة الدولة وكبار حيتان التجارة لمنهج الليبرالية الجديدة المعولمة التي ادت الى افقار العديد من البلدان الاوربية ، بل يكمن في طرق اخرى كما نرى اكثر واقعية ورشادا تتمثل في الآتي :
1. اعداد خطة حكومية لتقديم الدعم حسب القطاعات الصناعية في المحافظات مع مراعاة المناطق المحرومة والمناطق التي ترتفع فيها نسب البطالة. وتطبيق فعال وملزم من قبل الوزارات العراقية لقانون حماية المنتجات رقم 11لسنة 2011 .وتطبيق مبدأ الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص
2. تطبيق فعال لقانون التعرفة الكمركية على كافة البضائع المستوردة وتكثيف مراقبة اداء الاجهزة المكلفة بتطبيقه ومعالجة حالات الفساد في كافة المنافذ الحدودية وتطبيق اقصى العقوبات بحق الفاسدين .
3. ابعاد كافة الادارات الفاشلة والفاسدة عن الشركات الحكومية واستبدالها بعناصر نزيهة وعلى درجة من الكفاءة والخبرة المناسبة لعمل هذه الشركات وتنفيذ مبدأ المشاركة بين الشركات الصناعية بما يعزز الاستثمار الصناعي واعادة النظر في قانون الشركات رقم 21 لسن 1977 وقانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 997 بما يمنحها الاستقلال الذاتي .
4. تفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وتفعيل نظام ادارة الجودة- الإيزو- لتحسين نوع المنتج الوطني وزيادة إمكانية منافسته المنتج الاجنبي .