ادب وفن

نَشيدُ الصَباح / د.غالب عودة محسن

 

الى الحزب الشيوعي العراقي بمناسبة الذكرى 80 لتأسيسه

لمْ تَمِلْ أو تَمَلّْ

حكايةٌ شعبيةٌ يَعرِفُها

الكبارُ والصِغار ، الماءُ والأشجار

كُلُّ مَنْ بَقيَ أو أرتَحَلْ

مِثلَ نَخلةٍ فَوقَ السَحابِ

عُروقُها مَحفورةٌ في التُرابِ

مِطْرَقةٌ ومِنْجَلْ

طَريقٌ لا يَلتَوي

أحلامٌ بألوانٍ ، لا تَنْتَهي

راياتٌ وكُفوفٌ بَيضاء

وأسطورةٌ لم تَكْتَمِلْ

لمْ تَمِلْ أو تَمَلّْ

ثمانونَ عاماً مِنَ الأسئلةِ المُستحيلةِ

وعُيونُ أبناءِك مَشدودَةٌ ، لِسدرةِ المُنتهى

ثمانونَ قيامةٍ وصبرٍ

دونَ كَلَلْ

كما كانَ مِن قَبلِكَ

نَبيٌ صابرٌ في أرضِ حوران

ثمانونَ عاماً

وأنتَ تُصْعِدُ المُحْرَقاتَ والقربان

لمْ تَنسِبْ لِلهِ جِهَالَةً

الربُّ أعطى والربُّ أخذَ ، فكان

لمْ تُسَلِّمْ أبناءَك للشيطان

لمْ تَسقُطْ في هاويةِ الأمتحان

وقدَمُكَ لم تَزْلَلْ

لمْ تَمِلْ أو تَمَلّْ

في الأماكِنِ المُزدَحِمَةِ ،

حيثُ عَبقُ الرِجالِ و النِساءِ والأطفال

أصواتٌ وألحانٌ مِثلَ الأجراسِ ،

وجموعٌ تَحثُ الخُطى ،

وكأنَها الى مُوعِدٍ ،

تَسيرُ على عَجلْ.

لمْ تَمِلْ أو تَمَلّْ

في ساعاتِ الفَجرِ الأولى

يَكثرُ الدُعاءُ والرَجاء ،

فالصلاةُ أقرَبُ للسماء ،

والمَغفِرَةُ تُسافِرُ على أجنِحةِ الخَيال

وطائرُ العَنقاءِ يَسرَحُ في الظِلال

وتَتَفَتحُ فضاءاتُ المُقَلْ

يا مانحَ الأرواحَ بهجَتَها

ويا شغفاً خلفَ الأسوار

آتِنا في الدُنيا حسنةً

وفي الآخرةِ ، وردةً وأشعار

وقِنا شرَّ القتلةِ وكاتِمُ الأسرار

وعلى أناملِ السَعّفِ

لآلئٌ ما زالت غافيةً ،

تنتظرُ طُلوعَ النهارِ

وأغاني القادمين

من ثنايا الميادين

وعلى العُشبِ تناثرَت

عَناقيدُ الأملْ

طرقٌ على الباب ،

طَق طَق طَق

لحظاتُ خوفٍ وإضطِراب

كأنَها الرَّهبةُ في تراتيلِ الكتاب

ويَسري خفقانٌ بينَ الضُلوعِ ،

في خُشوعِ

مَنْ أنتَ أيُها المُشضى

جاءَ الصوتُ مِنَ الأعماقِ

يُردِدُ صَدى ما مضى

وما هو آت في المدى

أنا الوطنُ ، قال

أحملُ في يَدي نعشاً ، وأثقال

وفي جَسدي كانَ يَجري نَهران

قد جفّا الآن ، مِنَ الأحزان

فهل لي مِن جُرعةِ ماء

فعَطشي في اللوحِ المَحفُوظ

مُنذُ الأزلْ

مِنَ الأعوامِ ثمانونَ مرّت

وما زِلْتَ تُصارعُ أحفادَ خِمبابا

في رمالِ الصحارى وفي الغابات

فوقَ المِقصلةِ وفي الزِنزانات

في الشوارعِ والدرابين ،

وخلف الطواحين ،

عِنْدَ سُفوحِ قِنديل،

غَدَرَت بِكَ سُيوفٌ

وأَسَلْ

لمْ تَمِلْ أو تَمَلّْ

على الأرصفةِ وفي الساحاتِ

في البيوتِ الطينيةِ وفي المقراتِ

وعلى الجُذوعِ و الجُدران

تَرسِمُ وَجهَ أمرأةٍ أعرِفُها

تَحفُرُ أسماءاً لا يُدرِكُها النِسيان

وأرضُ السّواد ، في حِداد

تَسقيها أضاحِيكَ

عرقاً ودِماءاً ،

ولمْ تَزَلْ

اليومُ أكثرُ من أيِّ يومٍ

تَفيضُ ضِفافُ النهرين ، وتَهتفُ

عليكَ السلامَ يومَ ولِدتَ

ويومَ يُبارِكُكَ الذي لا يُقهَر

وطنٌ عَزِّ وَجَلْ

أُسعِدتَّ صباحاً

وأنتَ تَكتِبُ هذا النَشيد

لِوَطَنٍ حُرٌّ وشَعبٌ سَعيد