ادب وفن

جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في السويد تقيم معرضها السنوي "الوحدة في الاختلاف"

أعمال جسدت وحدة وأهداف الفنانين العراقيين واختلاف ألوانهم التعبيريةإبداعات تنتصر للحياة وللسلام وللمرأة

محمد الكحط –ستوكهولم-
تصوير: سمير مزبان
تحت عنوان "الوحدة في الاختلاف" أقامت جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين في السويد معرضها السنوي الخامس عشر مساء السبت23 آب 2014 في المركز الثقافــــي العراقـــــي فــــي الســويد وبرعايته، وبحضور جميل ونوعي من أبناء الجالية العراقية في السويد، وجمع من المثقفين والفنانين والإعلاميين.

معرض جسدت أعماله الإبداعية حالة الوطن.

شارك في المعرض 21 فنانا وفنانة وهم: سمية ماضي، ثائرة البازي، محمود غلام، لؤي كاظم، وسام الناشي، سمير مزبان، رائد حميد مهدي، عماد زبير، شاكر عطية، سليمة السليم، عباس الدليمي، حسين القاضي، فاتن أحمد، مؤيد إبراهيم، ضياء فاضل، صبا الجمالي، سامان ويس، وفاء غالب، أمير حربي، هبة سعدون، ثائرة البازي. ضم المعرض 36 عملا تنوعت الأعمال من رسم ونحت وتصوير فوتوغرافي وفن الخط العربي، كما تنوعت المدارس الفنية في الأعمال، وتنوعت موضوعاتها، لكنها كانت وحدة واحدة رغم الاختلاف لتعبر عن معاناة شعبنا ووطننا، بجانب أعمال ذات بعُد اجتماعي وإنساني، وما تتعرض له المرأة العراقية اليوم من سبي وقتل وانتهاكات من قبل حثالات العصر من القوى الظلامية والإرهابية.
في البداية رحب مدير المركز الثقافي العراقي الدكتور أسعد الراشد بالحضور جميعا، وبسفير لبنان في السويد الأديب الأستاذ علي عَجمي و بالدكتور حكمت داود جبو الوزير المفوض في سفارة جمهورية العراق في السويد، مثمنا دور الفنانين التشكيليين العراقيين في السويد كونهم يقدمون إبداعهم للمرة الثالثة في المركز الثقافي العراقي، رغم الظروف الصعبة، وتحدث عن الثقافة ودور المثقف العراقي وما يمر به البلد من ظروف صعبة، وطلب من سفير لبنان التحدث، وفي كلمة قصيرة عبر الأستاذ علي عجمي عن فرحه وسعادته لهذا التجمع الجميل وهذا اللقاء الثقافي الذي لم يحضر مثله هنا طيلة تواجده.

بعدها تحدث الدكتور حكمت جبو الوزير المفوض في سفارة جمهورية العراق في السويد، شاكرا الجميع مستذكرا الرواد من المثقفين والفنانين العراقيين، مؤكداً على دور الفنان اليوم كونه يمثل امتدادا، لعطاء الرواد الأوائل، الذين وضعوا اللبنات الأولى للفن العراقي، وأستذكر ذكرى استشهاد الفقيد المفكر العراقي كامل شياع على أيدي القوى الظلامية، وممن فقدناهم مؤخرا الفقيد الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، كما تحدث عن الأوضاع المأساوية في العراق، مؤكدا ان هذا المعرض اليوم يعطي الصورة الأخرى الجميلة عن العراق والعراقيين، وما هو ألا رد على قوى الظلام والتخلف.

وكان لرئيس الجمعية الفنان حسين القاضي كلمته التي رحب بها بالجميع شاكرا أعضاء الجمعية لتواصلهم ولإبداعهم، وقال ان لقاءنا اليوم كأقطاب وألوان مختلفة لكن همومنا وأحلامنا تكاد تكون واحدة، فقد جمعنا الفن واحترام أحدنا للآخر، فغدا اختلافنا وحدة، وهي عنوان لمعرضنا لهذه السنة ورسالة للآخرين.

بعدها تم دعوة الضيف السفير اللبناني والوزير المفوض في سفارة العراق إلى إيقاد شمعة إيذاناً بأفتتاح المعرض وهي رمزية للأمل، فها نحن هنا الفنانين العراقيين وجميع من المثقفين نوقد شمعتنا ضد قوى الظلام والتخلف.
بعدها طاف الضيوف في أرجاء المعرض للإطلاع على أعمال ونتاجات الفنانين،
وهم 21 فنانا، و34 عملا فنيا منوعاً.

كانت البداية مع لوحتان للفنان الدكتور عماد زبير والخط العربي وجمالية حروفه، حيث عكست اللوحتان، قدرات راقية للمبدع على تطويع الحرف تتسم بالدقة والحرفية بأشكال فنية جميلة.
وكان للتصوير الفوتوغرافي مكانه في المعرض من خلال عدسة المصور الصحفي سمير مزبان، ولم تخل من عكس مآسي الحروب وتأثيرها على الأبرياء من أبناء شعبنا، فكانت لقطتان معبرتان.

أما الفنانة وفاء غالب فقد أختارت ثلاث لوحات بطريقة حرق الخشب وهو فن صعب، لكن مثابرتها ودقة عملها بدت واضحة في هذه الأعمال، مواضيعها الأمومة والربيع، وكانت لوحة الشيخ معبرة عن معاناة الإنسان الكهل وتأملاته قرب كهف صغير على سفح الجبل.
وزميلتها الفنانة سمية ماضي، أيضا تعاملت مع هموم المرأة، فها هي تحمل غصونا مزهرة، لكنها مليئة بالعطاء، واللوحة الثانية طفلة تحلق كالفراشة مع الريح أرجلها وسط الزهور لكنها تبتعد عنها وكأنها تغادر هذا الحقل الجميل حيث الجمال والبراءة والطبيعة.
وكان عمل الفنان حسين القاضي متميزاً وبطريقة حديثة حيث تكون عمله من ثلاث قطع متداخلة تعطي من كل زاوية وجانب صيغة وشكلا آخر (رسم على الأشكال)، وهي محاولة الابتعاد عن الرسم التقليدي ذي البعدين واستخدام الأبعاد المتعددة. عنوان العمل "علامات أستفهام"، وهو من منظورين لعالمين مختلفين بكل شيء، ولكنهما متوازيين في السبل المتمثلة بالأجنحة، وهي من عناصر العمل الفني، أحيانا يكون حلما صعب المنال من منظور، ولدى الآخر علة مجرد علة، ورغم ذلك فأن الوحدة في اختلافهم، وجمعتهم بلحظة زمنية واحدة.
أما الفنان عباس الدليمي، فأمتازت أعماله بقوة التعبير وعكس المعاناة التي يعيشها أبناء شعبنا.
ولأول مرة قدمت الفنانة سليمة السليم أعمالها بالرسم وليس أعمال السيراميك التي تعودت أن تقدمها لكن مواضيعها التعبيرية هي نفسها، مواضيعها هي معاناة المرأة، والعوالم الحالمة.

عمل الفنان رائد حميد مهدي
أما الفنان رائد حامد مهدي فكانت مساهمته الفنية بلوحات تعكس صورة الأوضاع التي يمر بها الوطن.

والفنانة فاتن أحمد، شاركت في لوحتين عكست المرأة ـ والشجرة، فالمرأة في دوامة وقد تكون في حالة ضياع بسبب ظروف الحياة، وعكست الشجرة في لوحتها الثانية ذكريات المكان، وبيوتنا القديمة التي هجرناها لكنها لا زالت في الذاكرة نحملها بكل ما فيها من أيام حلوة ومرة.

وكانت لوحة الفنانة ثائرة البازي قاتمة كقتامة الظروف التي يعيش فيها جزء كبير من الوطن.

تناولت الفنانة صبا محمود الجميلي في لوحتيها الدوامة والعواصف التي تعصف بنا، فنحن في سفينة واحدة علينا أن نبحر بسلام، ولا ندع الأمواج والعواصف تعبث بنا. وها هنالك شمس مشرقة، علينا عدم اليأس.

الفنانة هبة سعدون تناولت الأمومة والمرأة بألوان قزحية جميلة.

عمل الفنان لؤي كاظم

وكما عودنا الفنان لؤي كاظم لتقديم ما هو جديد من خلال عمل تركيبي من النحت على الخشب فيه أجزاء متحركة تعطي صيغ ومدلولات مختلفة، محاولا في عمله الإيحاء بالحضارات التي تكون منها العراق من بابلية وسومرية وكلدانية وإسلامية وغيرها، وكلها تمجد الإنسان وتنبذ العنف وتسعى لسعادته، ومن جانب آخر نجد في عمله قوى الشر بمختلف أصنافها تحاول النيل من الإنسان.

وكان للفنان شاكر بدر عطية عمل تركيبي مميز وكان مفاجئة المعرض، فالكرسي قد أنشطر بفعل تجار السياسة والمساومون على حساب الوطن والشعب، والنخلة العراقية شامخة أبداً، هي شراع الوطن، نعم فالنخلة عمتنا ورمز لعراقنا ورمز لمدينة الفنان البصراوي شاكر، فهو لم ينس نخلته فهو ابن البصرة ، رابطا العلم العراقي مع العتمة والسواد والكرسي والنخلة ليجسد وضعنا العراقي اليوم، لكن ثمة بصيص أمل من خلال إشعال الشموع المعلقة في نهايات سعف النخلة من قبل بعض الحاضرين (وهم الشعب)، فتقدم السفير اللبناني والوزير المفوض في السفارة العراقية وآخرون ليوقدوا الشموع في سعفة النخلة، لتكون شعلة ومنار متوهج ينير الطريق للآخرين ويحرق الطغاة والأشرار. نعم أن معاناتنا أكبر من أن نعكسها لوحة أو عمل فني مهما كانت جماليته ودقته، كما قال الفنان شاكر، "لكن أملنا بالشمعة بالنور بالمعلم، يمكنه أن يبدد الظلام، فالغيمة المنفردة لا تصنع المطر، وأكثر من شمعة ستكون طاقة كبيرة".

وهذه لوحتان من إبداع شاكر عطية أيضا.

الفنان مؤيد إبراهيم شارك في عملين بحجم كبير، الأولى تجسيد لملحمة "المسيح يصلب من جديد" وهي تجسد التضحية من أجل المحبة والسلام والتعاون بين البشر، والثانية تمثل أفعى تلتف على جسد إمرأة هي الحياة، هذه الأفعى الرمز هو القوى الظلامية التي تحاول طمر الحياة وتدمر الوطن والبشر والحياة، اللوحتان تتناول معاناة الوطن وهموم شعبه.

الفنان وسام الناشيء
وكان للفنان وسام الناشي مساهمته حول المرأة ومعاناتها وتحديها للظروف الصعبة.

الفنان أمير حربي
والفنان أمير حربي، كانت لوحته، تمتاز بتداخل الألوان في قوة تعبيرية عن الطبيعة.
لوحات الفنان سامان وايس
الفنان سامان ويس كانت له لوحتان عن الطبيعة، وعلاقته مع الريف والماء والشجر..

أعمال الفنان ضياء فاضل
وكان للفنان ضياء فاضل مساهمة بلوحتين من الاكريلك، تناولت الطبيعة العراقية، فنجد الهور والمشاحيف والنخيل، تمتاز لوحاته بتجانس ألوانها وعكس جمال الطبيعة.

أعمال الفنان محمود غلام

لوحتان من أعمال الفنان محمود غلام، وهي صرخة المرأة المغتصبة أو التي تقاد اليوم إلى سوق النخاسة ولكنها الحالمة بحياة مستقرة.

كانت لحظات جميلة قضيناها وسط نتاج المبدعين العراقيين، فهم دائماً مفخرة للثقافة العراقية، وعطائهم لا ينضب رغم الظروف المعقدة التي تعصف بشعبنا، والمعرض وقفة جادة مع شعبنا وضد الإرهاب والاضطهاد بكل أشكاله.