ادب وفن

مرحبا كامل شياع / محمد علوان جبر

قلتها مشفوعة بابتسامة لكامل شياع، حينما جمعتني به جلسة ودية في دائرة السينما والمسرح التي كنت أعمل فيها بعقد مشرفاً على صفحة سينما فيها.. يومها جلسنا في غرفة مجلة «السينما والمسرح»، تحدثنا ونحن نحتسي الشاي عن السينما... كان رحمه الله موسوعة سينمائية جميلة، حدثني عن إعجابه بالمقالات التي أكتبها عن الأفلام على صفحات المجلة وبعض الصحف كالصباح والمدى مثل فيلم العطر «لال باتشينو» وفيلم «فورست كامب» لتوم هانكس والسبورة للإيرانية سميرة مخملباف وصوت متأرجح لاندي غارسيا والكثير الكثير من الأفلام.
رشح لي بعض الأفلام المهمة، وتبرع بإيصال أقراصها لي في أقرب فرصة، يومها فرحت كثيرا اذ وجدت من يتابع ما أكتبه عن السينما وبهذا الشغف.
وحين تحدثنا عن القصة قال: أنا منهمك بقراءة بورخس. قلت له أنا منهمك بالسيدة ... قال من ..؟ قلت له السيدة شهرزاد .. وقبل ان يتحدث قلت له انها معلمتي الأولى .. أعجب بالعبارة .. وشد على يدي مودعا .. كان هذا في عام 2005 .
جمعتني به سفرتنا في مهرجان المدى 2007.. كانت غرفته قريبة من غرفتي .. أمضينا الكثير من الأماسي الجميلة ، قال أخيرا اقتنيت طبعة دار صادر لالف ليلة وليلة بمجلداتها الستة المصورة وسماها الطبعة الملونة .. كان فرحا بذلك فرحة استغربتها .. قال يا أخي لا أعتقد أن أحدا يمل قراءة الليالي الألف .. وهذا الأسلوب الشيق .. وقال أن بورخيس كان معجبا بشهرزاد وسحر سردها.
يومها فكرت كم هو مشغول هذا الرجل ، فهو بجانب أعباء عمله كمستشار وزارة الثقافة ، ووقوفه ضد أي شيء يعرقل مسيرة الثقافة الحقيقية، ساخرا من كل الطروحات الطائفية المحدودة النظرة، إضافة إلى كتابته البحوث الفلسفية والفكرية التي كان يتناول فيها الحداثة والجماليات.. منغمرا في اشتغالات كثيرة، فهو، فضلا عن كونه مفكر من الطراز الأول، فهو كذلك صحفي من الطراز الأول ، إذ لم تخل كل صحف العالم المهمة من اسمه كالحياة اللندنية والوسيط ومواقف الفصلية والثقافة الجديدة وغيرها العديد، حيث سبق ان حصل على الماجستير بامتياز عن أطروحته الفلسفية ( اليوتوبيا كموقف نقدي ).. لم تشغله مهامه الكثيرة عن تعلم أكثر من لغة فأصدر قاموسا مهما ( انكليزي ـ ايطالي ـ عربي ).
الآن مضى على اغتيال المفكر التنويري كامل شياع خمسة أعوام، ولم تتوصل التحقيقات إلى القتلة، رغم أننا نعرفهم جيدا..
أيها القتلة نعرفكم جيدا.. فمن قتل كامل شياع هم من كانوا يريدون تحويل وزارة الثقافة إلى هامش مطلق ( ربما نجحوا ) من قتله هم من يريدون أن تتحول الثقافة إلى خطاب متشنج وطائفي معلن.. تفعيل الخطاب الثقافي التنويري من أولويات وهموم الشهيد كامل شياع .. وأخيرا نقول متى يتم الإعلان عن القتلة؟