ادب وفن

شعلة الشهداء / همام عبد الغني

بكَ نبتدي , يا ملهمَ الشعراءِ       يا مصنعَ الأبطالِ والشهداءِ
بكَ نبتدي أبداً , فأولُ ومضةٍ      هتكتْ ستارَ الظلمِ والظلماءِ
من فكرِكَ الوهاجِ جاءَ شُعاعُها       فجراً أضاءَ صرائفَ الفقراءِ
فرأوا بأُمِ العينِ , أيُ خديعةٍ      كانت تمثلُ لعبةُ العملاءِ
ورأوا بأُمِ العينِ , كيف تقاسموا      خيرَ البلادِ بحجةٍ عوراءِ
عجزتْ عن الرؤيا لغيرِ جيوبِها     ومصالحِ الأسيادِ والأمراءِ
ورأوا بأُمِ العينِ كيف تناهبوا     خبزَ العبادِ وفرحةَ البسطاءِ
ورأوا بنورِكَ ,أنَّ كلَ رذيلةٍ     نبتتْ بليلِ الجهلِ والجهلاءِ
وبأنَّ كلَ المجرمينَ تلفعوا      جنحَ الظلامِ وغفلةَ الدهماءِ
لكنَّ فكرَكَ , وهو شمسُ حقيقةٍ      سطعتْ تلوحُ بوجهِها الوضاءِ
( فتكشفوا عُرياً على أضوائها     مثلَ اللصوصٍ بليلةٍ قمراءِ 1)
*****
ورثوا الخطيئةَ واقتدوا بدعاتها      عملاً بأنَّ الفكرَ محضُ دهاءِ
وبأنَّ قتلَ الناذرينَ نفوسَهمْ      للخيرِ ,يطفئُ حُزمةَ الأضواءِ
لكنَّ نورَ الشمسِ زادَ توهجاً      حين استضافتْ شعلةَ الشهداءِ
****
يا " كاملَ " الأوصافِ , قيلَ بأنهمْ      عادوا , وعدتَ الى ربى الزوراءِ
لكنهمْ عادوا لكي يستحصلوا      ثمناً , وعدتَ بلهفةِ البنَّاءِ
عادوا يغذونَ الجموعَ جهالةً       ورجعتَ تحملُ مشعلَ العلماءِ
شتانَ بينَ مشيّدٍ بنَاءِ         ومهدِّمٍ متعطشٍ لدماءِ
حسبوا الكواتمَ حينَ تُطلقُ نارَها      ستزيلُ فرقَ القعرِ والعلياءِ
أو حينَ تُسكِتُ قلبَ ايِ مفكرٍ       سيجفُ نبعُ الفكرِ والأيحاءِ
خسئوا , فهذا الفكرُ نبعُ عدالةٍ     وتحضُّرٍ و تمدنٍ وعطاءِ
يتسابقُ الأبطالُ حولَ ضفافِهِ      يتناوبون بهمةٍ ووفاءِ
يتجددونَ تألقاً و تدفقاً      ويفجرون منابعَ الإرواءِ
همْ ملحُ هذي الأرضِ ما بقيتْ بقوا      والأرضُ تستعصي على الإفناءِ
 1-البيت بين القوسين هو للجواهري الكبير من قصيدته " خلفتُ غاشية الخنوع ورائي" التي القاها في الحفل التأبيني للشهيد عدنان المالكي رئيس اركان الجيش السوري عام 1957 في دمشق