مدارات

رحيل الرفيق الكبير عمار حمود العجمي "أبو ناصر"*

في صدفة لا تنفصل عن الضرورة، مثلما هي المقولة المادية الجدلية الشهيرة، وفي ظهيرة يوم الجمعة الرابع عشر من مارس/ آذار الجاري، يوم احتفالنا بالذكرى التاسعة والثلاثين لتأسيس حزبنا، حزب اتحاد الشعب في الكويت، الذي تأسس في مثل ذلك اليوم من العام 1975 رحل عنا رفيقنا العزيز عمار حمود العجمي "أبو ناصر" أحد أبرز مؤسسي الحزب والسكرتير الأول للجنة القيادية منذ تأسيسه إلى ديسمبر من العام 1992، وكأنّ الرفيق أبا ناصر قد اختار يوم الرحيل.
بدأ الرفيق عمار العجمي حياته العملية في أوائل عقد ستينيات القرن العشرين جندياً في الجيش الكويتي، وأصبح قائد مدرعة، وبعدها التحق بالعمل في شركة الزيت العربية اليابانية التي كانت تزاول نشاطها في المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية قبل أن تكون مقسومة، وانتخبه العمال سكرتيراً لنقابة عمال الشركة، وتعرّض جراء ذلك للمضايقات والملاحقات بسبب اعتراض السلطات السعودية على وجود النقابة... وتنقّل الرفيق الفقيد في العمل بين شركات النفط الكويتية: البترول الوطنية، ونفط الكويت، وصناعة الكيماويات البترولية، وساهم مع رفاقه وزملائه النقابيين في تأسيس "القائمة العمالية" و"قائمة الوحدة العمالية" التي قادت الحركة النقابية العمالية، خصوصاً في نقابات عمال الشركات النفطية طوال عقدي السبعينيات والثمانينيات، وانتخبه العمال عضواً في مجلس إدارة نقابة عمال شركة صناعة الكيماويات البترولية.
كما التحق الرفيق الراحل بتنظيمات الحركة الوطنية منذ أواسط الستينيات، وفي العام 1969 التحق الفقيد بأحد معسكرات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في غور الأردن... وكانت للرفيق الفقيد علاقات شخصية ونضالية وثيقة مع رفاقنا من القادة التاريخيين لـ "جبهة التحرير الوطني - البحرين" والرفاق السعوديين من أعضاء "جبهة التحرر الوطني" التي تحوّلت في العام 1975 إلى الحزب الشيوعي في العربية السعودية.
وفي الأشهر الأخيرة من العام 1974 بادر الرفيق الراحل إلى تأسيس حزب مستقل للطبقة العاملة في الكويت وذلك بالتعاون مع عدد من الرفاق العمال والمثقفين، ولاحقاً وفي اجتماع عقدته اللجنة المؤسسة للحزب مساء يوم 14 مارس/ آذار من العام 1975 في المنزل المتواضع للرفيق بالفحيحيل تم الاتفاق على أن يحمل الحزب الوليد اسم "حزب اتحاد الشعب في الكويت"، وجرى اختيار الرفيق أبا ناصر الذي كان اسمه الحزبي "يوسف ناصر" لقيادة الحزب بوصفه السكرتير الأول للجنة القيادية.
وكانت للرفيق الفقيد مساهمات بارزة في بناء الحزب ومدّ نفوذه داخل الحركة النقابية العمالية، وهو الذي تولى تكوين جهازه الطباعي الذي باشر في طباعة نشرة "الاتحاد" لسان حال الحزب في مارس من العام 1976، بالإضافة إلى البيانات والكراسات.
وشارك الرفيق أبو ناصر في دورات دراسية حزبية ونقابية خارج الكويت، كما ألقى الرفيق في العام 1984 محاضرة عن الوضع السياسي في الكويت وللتعريف بحزبنا أمام مجلس تحرير مجلة "قضايا السلم والاشتراكية" التي كانت تصدرها الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية من مدينة براغ العاصمة التشيكية، وترأس عدداً من الوفود الحزبية التي شاركت في لقاءات ثنائية وجماعية مع الأحزاب الشيوعية والعمالية العربية وفي بلدان شرق البحر الأبيض المتوسط.
وبعد مشاركة حزبنا في تأسيس المنبر الديمقراطي الكويتي مع حركة التقدميين الديمقراطيين والتجمع الوطني في مارس/ آذار 1991 جرى انتخاب الرفيق الراحل أبو ناصر عضواً في الهيئة التنفيذية للمنبر الديمقراطي.
ومن الخصال الطيبة للرفيق أنه كان متذوقاً للموسيقى وقارئاً نهماً للأدب العالمي، وله صداقات شخصية مع عدد من المثقفين والأدباء.
وخلال فترات معينة من العقدين الأخيرين حالت الظروف الصحية والشخصية الصعبة للرفيق أبي ناصر بينه وبين المساهمة النشطة في النضال، إلا أنّه بدءاً من العام 2012 عاود المشاركة في حدود قدراته، واستمر كذلك حتى الأيام الأخيرة من حياته، بعد أن انتقد نفسه وانتقد خط ديسمبر/ كانون أول 1992 التصفوي ووصفه بالخطأ الأكبر.
وصبيحة يوم الرابع عشر من مارس / آذار الجاري، وقبيل ساعات من وفاته، تلقى الرفيق الراحل أبو ناصر من على فراش المرض في جناح العناية المركّزة بمستشفى العدان تحية اللجنة المركزية للحركة التقدمية الكويتية بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لتأسيس حزب اتحاد الشعب، الذي ساهم في تأسيسه قبل أربعة عقود، وبعد ذلك بنحو ساعتين غيّب الموت رفيقنا العزيز...وقد تمّ تشييع جثمان الرفيق الفقيد عمار حمود العجمي "أبي ناصر" صبيحة يوم السبت 15 مارس/ آذار الجاري في مقبرة صبحان بحضور جمع من المواطنين يتقدمهم رفاقه وأهله وأصدقاؤه، وحضر مجلس عزائه أعداد كبيرة من الرفاق والأصدقاء من الكويت وخارجها، خصوصاً الرفاق والأصدقاء من البحرين والسعودية، وشارك في تقديم العزاء قادة "المنبر الديمقراطي الكويتي" و"حركة العمل الشعبي - حشد" وعدد من القيادات النقابية العمالية، كما وصلت رسائل وبرقيات تعزية من الأحزاب الشقيقة والصديقة من بينها: الحزب الشيوعي العراقي، والمنبر التقدمي البحريني، والحزب الشيوعي اللبناني، وحزب الشعب الفلسطيني، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وحزب الوحدة الشعبية الأردني، وجمعية العمل الوطني الديمقراطي "وعد"، واتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، وجمعية الشبيبة البحرينية.
ولئن رحل الرفيق عمار حمود العجمي "أبو ناصر" بجسده عنا، فإنّ تاريخه النضالي محفوظ في قلوب رفاقه جميعاً وفي ذاكرة حزبه.
* مؤسس حزب اتحاد الشعب في الكويت وسكرتيره الأول منذ تأسيسه في 1975 إلى 1992