مدارات

الانتخابات السويدية: "جبهة الحمر - الخضر" تحقق الفوز

ستوكهولم - طريق الشعب
ظفر التحالف الانتخابي جبهة الحمر، الخضر بالإنتخابات التي جرت يوم الأحد 14 أيلول الجاري، لإنتخاب برلمان جديد للبلاد ومجالس للمقاطعات والبلديات.
تنافست في هذه الإنتخابات جبهتان رئيسيتان، جبهة اليمين المتمثل في التحالف الحاكم منذ ثمانية أعوام والمكّون من أربعة أحزاب هي (المحافظون، الشعب، الوسط والديمقرطي المسيحي) وجبهة "اليسار" المتكونة من ثلاثة أحزاب متعاونة ويتوقع تحالفها بعد الإنتخابات وهي الاشتراكي الديمقراطي والبيئة واليسار. كما شارك في الصراع الإنتخابي وبقوة حزبان آخران هما حزب ديمقراطيو السويد، القومي اليميني ذو التوجهات العنصرية المعادية للأجانب، وحزب المبادرة النسوية، الذي تقوده الرئيس السابق لحزب اليسار غودرون خيمان، الى جانب أحزاب يسارية ويمينية صغيرة أو مجهرية احياناً.
وقد سبقت الإنتخابات حملات واسعة جداً في انحاء البلاد، شارك فيها قادة ومناصرو هذه الأحزاب، لشرح برامجها الإنتخابية وتوسيع دائرة ناخبيها، مستخدمين آليات مختلفة، كاللقاء المباشر بالناس في الساحات والطرقات وزيارة المدارس والجامعات والمعامل وتوزيع البرامج الإنتخابية عبر البريد وإستثمار شبكة الأنترنت إضافة لأجهزة الإعلام المختلفة. وإنعكست أبرز نقاط الصراع لكسب الناخبين في البرامج المختلفة، التي تبناها المتنافسون من أجل حل مشكلة البطالة والحفاظ على دولة الرفاه الاجتماعي وتحسين الخدمات، لاسيما قطاع الصحة الذي شهد تدهوراً كبيرا في الأونة الأخيرة، وقطاع التعليم، الذي أشارت الدراسات الأخيرة الى تراجعه، تراجعا مريعا.
الحوارات والمناظرات المتعددة التي جرت بين قادة الأحزاب، أظهرت طبيعة الصراع بين الجبهتين، حيث دعا اليمين الى الخصخصة، بإعتبارها الحل لـ "فشل" الدولة بإدارة ملف الرفاه الاجتماعي، وتقليص العجز في الموازنة والذي وصل الى أكثر من 13 مليار دولار. كما أكد على تخفيض الضرائب على رجال الأعمال لتشجيعهم على الإستثمار وتوفير فرص العمل، على حد زعمه.
أما اليسار فقد دعا الى تضامن اجتماعي يرتكز على تعديل قانون الضرائب، لتوفير الخدمات لذوي الدخل المحدود من غير القادرين على شرائها اذا ما خصخصت. كما دعا لتحسين حياة المتقاعدين وتطوير التكنولوجيا في مجال الإنتاج بغية تحسين قدرة المنتجات على المنافسة وبالتالي خلق فرص أكبر للعمل. وفي الوقت الذي إقتصر فيه حل اليمين لمشكلة تدهور التعليم على فرض سياسة صارمة في المدارس وإعتماد نظام الإمتحانات من الصفوف المبكرة، دعا اليسار الى زيادة عدد المعلمين وتحسين دخولهم وتقليص عدد الطلبة في الصفوف الدراسية وتوفير المساعدة الإضافية المجانية للطلبة المتلكئين وزيادة الإستثمارت في مجال البحث العلمي.كما شمل الصراع مشاكل التلوث البيئي، حيث يدعو حزبا البيئة واليسار الى إلغاء الإستثمارات السويدية في ألمانيا في مجال الفحم الحجري وغلق المفاعلات النووية القديمة التي تشكل خطراً على سلامة البلاد.
وإذ تشير النتائج الأولية الى حصول الإشتراكي الديمقراطي على 31،3 بالمئة واليسار على 5،7 بالمئة والبيئة على 6،8 بالمئة وهو ما يشكل بمجموعة 43،8 بالمئة مقابل حصول المحافظين على 23،2 بالمئة والوسط على 6،1 بالمئة والديمقراطي المسيحي 4،6 بالمئة والشعب على 5،4 بالمئة ، أي ما يشكل بمجموعة 39،3 بالمئة، فإنها تنذر بصعود سريع لليمين المتطرف الذي صار الحزب الثالث في البلاد بحصوله على 13بالمئة من الأصوات.
ورغم تصاعد شعبية اليسار بمختلف أطرافه، فإن ما يقلق الكثيرين في السويد تضاعف أصوات اليمين المتطرف، والذي يعيش على العداء للأجانب ويدعو لغلق أبواب الهجرة الى السويد، ويقدم إطروحات منافية لحقوق الإنسان والثقافة السويدية. ورغم عدم تجاوب أي حزب من الجبهتين لإطروحات هذا اليمين المتطرف، الا إن تحوله الى قوة مهمة في المجتمع، قد تزيد من فرص التعاون معه.
ويرتبط القلق أيضا بواقع جبهة اليسار، ففيما تشهد جبهة اليمين تحالفاً موحداً وقوياً، تعاني جبهة اليسار من مشاكل عديدة أبرزها هيمنة الجناح اليميني الذي يقوده زعيم الحزب ستيفان لوفين، على سياسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي رفض قبل الانتخابات إستيزار أي ممثل لحزب اليسار (الشيوعي سابقاً) والإكتفاء بدعم هذا الحزب له في البرلمان، وهو ما لم يعد مقبولاً كالسابق كما يبدو لدى حزب اليسار. الا ان ستيفان لوفين عاد بالتأكيد فور اعلان النتائج على انه مستعد لتشكيل حكومة حمراء خضراء، و عبر عن رغبته ايضا في تعاون عابر للكتل السياسية مؤكدا على موقفه القاضي بابعاد حزب ديمقراطيي السويد عن القرار السياسي.
ولعل سياسة لوفين اليمينية هذه، كانت وراء الفوز الخجول للمعارضة، هذا الفوز الذي سيفضي لحكومة ضعيفة، لا تتمتع بالأغلبية وتعتمد على دعم احزاب الوسط، الأقرب لليمين، وتترك الفرصة أكبر لنمو أعداد المستائين، الذين يشكلون مصدراً مهماً لنمو اليمين المتطرف.
وهكذا ستجد السويد نفسها في ظروف سياسية قلقة، قد تؤدي الى تقارب الاشتراكي الديمقراطي مع اليمين وتكوين حكومة وحدة وطنية، أو إجراء إنتخابات جديدة في القريب العاجل.