مدارات

انكسارات حقوق الانسان

راصد الطريق
حين يكون الحديث في الاخلاق واحترام حقوق الغير في الحياة، يتبارى المتحدثون المختلفون في الاستشهاد بما في دينهم أو مذهبهم او مبادئ حزبهم من شواهد تؤكد هذا الحق وذاك.
وانت تصغي اليهم، تقول ليس في هذا البلد خلافات ولا ضغائن ولا كراهات دفينة ولا حتى خطط إيقاع أو إزاحات.
نعتقد لو ان الانظمة واضحة والقوانين محترمة والاعراف متمدنة مقبولة في العصر، وان الناس مؤمنون حقاً بها، لما رأينا هذا الحجم من الإستياءات وهذه الشكاوى التي لا تنتهي مما يعانونه من أفضليات ومحسوبيات وتقريب الموالين، وإبعاد غيرهم وإن كانوا اكثر كفاءة واعلى شهادة علمية وأقدر كثيرا من سواهم..
على اية حال، ما عاد يصدمنا أمر من أمور الهمجية ونتائج الانحيازات الشريرة أو البلهاء. فهؤلاء، غير المؤمنين بالعقل وبالوطن وبحقوق الناس، قد يحسنون القول لكثرة ممارسة الكذب، ولكنهم ابداً لا يحسنون الفعل. لقد قيل ان الآلهة نفسها حاربت الغباء ولم تستطع الانتصار عليه.
المهم من الكلام ان يفهم الجميع بان المسلوب حقه سينتظر الفرصة ليسترد حقه ممن سلبه يوماً! وكما تبشر القاتل بالقتل تبشر من يضطهد ومن يحتاز على حساب غيره بانه سيترك له شعوراً دفينا بالكراهة وبالرغبة في ازاحته.. وهكذا استعصت واستمرت مشاكلنا الاجتماعية، ومنها السياسية.
الخارج عن القانون، المتجاوز، سالب حق غيره يظل قلقاً، يظل غير مطمئن. ونتيجة لما سبق يظل عدوانيا مرتبكا. والقلِق المرتبك سريع العثار والسقوط. يقول ضباط المدفعية ان من يفقد اعصابه يفقد قواه في التصويب الدقيق للهدف.
وهكذا يرتبكون ويواصلون تجاهل الناس وهم مهووسون بالتملك والاستحواذ والتقاف المناصب والوظائف على حساب مواطنين آخرين مثلهم بحجج شتى: ضد الثورة، ضد الحكومة، ضد الدين. وهكذا يزداد كل يوم عدد الاضداد!
المسألة أولا اخلاقية. ثانياً لها علاقة بمبادئ المهيمنين على السلطات، أعني المبادئ الدفينة الحقيقية لا التي يتظاهرون بها. وكلمة يتظاهرون او يدّعون تعني ايضا انهم مدركون لتجاوزاتهم، وانهم ناسٌ لا يخجلون من ممارساتهم ولكن يريدون خداع الناس لاستمرارها!
لا يبدو لي ان أمثال هؤلاء حقيقيون في وطنيتهم، ولا حقيقيون في إيمانهم بما يدعون من مبادئ، ولا أظن مذاهبهم وطوائفهم إلا شاكية من كثرة استغلالهم لها!
الناس الخيّرون يتعبون في اقناعهم ولا جدوى، لان اولاء يتحدثون بنظافة وطنية وتضحية، واولئك يتحدثون بما يؤكد نفعيتهم وسعيهم الى المزيد من الامتلاك والإثراء، ويريدون الناس ان يظلوا الى الابد مخدوعين بفعلهم واقوالهم!
أيتها الدولة المحترمة،
ايها المتباهون بقوتهم وسلاحهم وبالأموال التي يشترون بها الناس والارض والصحافة والفضائيات، اقول لكم: الناس تعلم جيداً بكل تفاصيل ما تخفونه عنهم، وليس اجمل من ان يكون الانسان وطنياً نظيفاً شفافاً ويحترم الناس!
أما انتم ايها المسؤولون عن حقوق الانسان فأقول لكم: حقوق الناس تُنْتَهك.. وبعلم منكم!