مدارات

بلدان الإتحاد الأوروبي .. حزمة قوانين طاردة للاجئين

رشيد غويلب
أشارت معطيات الأمم المتحدة الصادرة مؤخرا، إن اليونان استقبلت منذ بداية العام الجديد 44 ألف لاجئ، فقد 200 منهم حياتهم هناك، وبالتوازي مع هذه الأحداث يجري العمل الحثيث في برلمانات بلدان وسط وشمال أوربا، لإقرار حزم قوانين طاردة للاجئين.فبعد أن أصدرت أقرت الحكومة الألمانية في تشرين الثاني الفائت، ما يسمى "قانون تسريع اللجوء"، صوتت الأكثرية اليمينية في البرلمان الدنمركي على مشروع قانون بعيد جدا عن الحق الأساسي في اللجوء.
و مع تشكيل حكومة الأقلية بزعامة "راسموسن" من حزب"Venstre" اليميني الشعبوي في صيف 2015 ، في الدنمارك، بدأ الحديث عن إصدار قانون جديد أكثر تشددا اتجاه الأجانب. وكان إغلاق الحدود، ومنع مرور اللاجئين في كانون الثاني 2015 ، الخطوة الأولى بهذا الاتجاه. وبإصدار القانون المرقم (ل) 87 يستمر العمل بهذه السياسة. وكان تحالف الحمر – الخضر اليساري، الذي لديه 14 مقعدا في البرلمان الدنماركي ، قد صوت ضده. واصدر التحالف تصريحا تناول فيه ما هو ضار في القانون الجديد، مؤكدا ان مواده تتعارض مع معايير قبول اللاجئين المعترف بها بموجب اتفاقية جنيف لعام 1991 . ان قبول اللاجئين في المستقبل يجري وفق "القدرة على الاندماج في الدنمارك"، وهذا يعني ان الأميين سوف لن يتم قبول طلباتهم. ويرى المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان ان جزءا من القانون على الأقل يتعارض مع الاتفاقيات الأوربية المتعلقة بحقوق الإنسان.
و يبدو ان الحكومة الألمانية كانت تنتظر قيام حكومة أخرى بالهجوم على حقوق اللاجئين، لتفعل النقاش حول "حزمة التوافق 2 "، التي ينتظر ان يقرها البرلمان والمجلس الاتحاديين، ومشروع القانون تذكر حتى تسميته بـ"حزمة التوافق1 " التي صدرت في عام 1993 ، والقانونان يشتركان في تعميق تفكيك الحقوق الأساسية للاجئين.
وبموجب القوانين الجديدة يجري التوسع في تعقيد آليات قبول اللاجئين، وتسريع عمليات ترحيل مجموعات محددة منهم، وحسب ما نشرته جريدة العالم الألمانية المحافظة في التاسع والعشرين من كانون الثاني الفائت، سيتم رفض 400 الف طالب للجوء في عام 2016 . وتم تحديد آليات تمويل عمليات الترحيل المذكورة.
وتبدو بلدان اوربية أخرى ليست اقل حماسة في ترحيل اللاجئين، فوزير الهجرة السويدي يوهانسن مورغان يطالب بتوزيع اللاجئين: " ينبغي تسجيل اللاجئين في اليونان و تقديم طلباتهم هناك، ثم يجري توزيعهم وفق الإمكانية"، واذ "قبل طلبهم بإمكانهم البقاء، وبعكسه يجب ترحيلهم". والدليل على ان ما قاله الوزير لا يبقى مجرد كلمات، جرى الإعلان عن بدء العمل في ترحيل 80 إلف لاجئ رفضت السلطات السويدية لجوءهم. وفي فنلندا يريدون إتباع المثل السويدي وترحيل 20 إلف لاجئ.
وقدمت هولندا خطة جديدة للاتحاد الأوروبي وأوروبا. بموجبها ينبغي إرجاع اللاجئين من الجزر اليونانية بواسطة العبارات إلى تركيا. و يجب إلزام تركيا باستقبال اللاجئين ، على ان يتم توزيع 250 إلف منهم على بلدان الاتحاد الأوروبي . علما ان هولندا تتولى مهام رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية. وتتسارع هذه الأيام إجراءات مماثلة في كل من بلجيكا والنمسا.
من جانبها وجهت المنظمات الإنسانية المدافعة عن حقوق اللاجئين نقدا شديدا لإجراءات وتوجهات بلدان وسط وشمال أوربا الانعزالية تجاه ضحايا الحروب والصراعات في بلدان الأزمات. فيما ترى الأحزاب والمجموعات العنصرية ان هذه القوانين غير كافيه، ويطالب بعضها باطلاق النار على اللاجئين الذين يعبرون الحدود بطرق غير شرعية،وهذا ما طالبت به فروك بيتري رئيسة حزب "البديل من اجل ألمانيا" اليميني المتشدد " إن اقتضى الأمر، يجب على الشرطة استخدام السلاح" .
إن ما أوردناه من أمثلة يجعل من الصعب عقد الآمال على اجتماع بلدان الاتحاد الأوربي، المخصص لبحث ملف اللاجئين، والمقرر عقده قريبا. وقد أصاب آرمين آفانسيان، عندما كتب في جريدة "الوقت" الألمانية المحافظة في الثالث من ايلول الفائت "لقد كانت الرأسمالية دائما – وستظل إلى آخر ايامها نظاما اقتصاديا غير عادل ، ومبني على هيكلية عنصرية تؤدي بطبيعة الحال إلى هجرة من المستغَلين".
ورغم إن تجاوز الرأسمالية أمر مطلوب، والى أن يتحقق هذا الهدف، هناك ضرورة للنضال من داخل هذا النظام للوصول إلى تغييرات لمصلحة الإنسان. وفي هذا السياق يجب القضاء على مسببات اللجوء كالحروب، والأزمات، والجوع. وهذا يعني الاستمرار بالنضال من اجل: إنهاء سياسة رفض وترحيل اللاجئين المعتمدة في الاتحاد الأوربي. وتوفير فرص عمل ومسكن تحفظ الكرامة الإنسانية. وتعزيز المشاركة الاجتماعية والديمقراطية ،. والحرية في تحديد منطقة سكن اللاجئين. وأخيرا ضمان حق البقاء للجميع.