مدارات

هيلاري كلينتون.. فوز بطعم الخسارة !

رشيد غويلب
ولاية ايوا الأمريكية كانت الاثنين الماضي على موعد مع إجراء الانتخابات التمهيدية داخل الحزبيين الرئيسين الديمقراطي والجمهوري، استعدادا لخوض انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة في تشرين الثاني من العام الحالي. وتعد الولاية الاصغر في الولايات المتحدة الأمريكية، وتمتاز الولاية بطابعها الريفي، و بنسبة ضئيلة جدا من السكان السود واللاتينيين.
والمعروف إن الانتخابات التمهيدية في الحزبين تجري في ولايات الاتحاد تباعا وحتى تموز المقبل، او قبل ذلك سيكون واضحا من سيمثل الحزبين في السباق النهائي لدخول البيت الأبيض في واشنطن.
ولا يزال المرشح اليساري بيرني ساندرز يشكل مفاجأة الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي، فقد حصل السيناتور البالغ من العمل 74 عاما على 49,6 في المائة، مقابل 49,8 في المائة لصاحبة الحظ الأوفر في تمثيل الحزب الديمقراطي، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وزوجة الرئيس الأمريكي الأسبق وليم كلينتون، هيلاري كلينتون. وتشير استطلاعات الرأي في ولاية نيو هامبشاير، التي ستجري فيها الانتخابات التمهيدية، الثلاثاء المقبل، إلى تقدم ساندرز على منافسته. وساندرز هو المرشح الوحيد الذي يرفض التبرعات التي تغدقها عادة الشركات على مرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة. ويعتمد المرشح اليساري على تبرعات أنصاره وناخبيه.
وساندرز اجتماعي ديمقراطي يساري يتحدث عن المدرسة القديمة للاشتراكية، ويعني بذلك نموذجها الأسكندنافي. ويطرح في هذا السياق مقترحات ملموسة للإصلاح مثل نظام تعليمي مجاني، الذي يمثل، وفق التوازنات المجتمعية القائمة في الولايات المتحدة الأمريكية مطلبا يساريا جذريا. ويطالب ساندرز برفع الحد الأدنى للأجور من 7,5 دولار إلى 15 دولار في الساعة، وهو مطلب يطرحه اليسار الماركسي أيضا، فضلا عن المطالبة بفرض ضريبة خاصة لتمويل النظام الصحي في البلاد. وتصف كلينتون المطلب الأخير بغير الواقعي. وسبق لها ان تلقت في 2 مليون دولار من قطاع الصناعات الصحية دعما لحملتها الانتحابية. وبالضد من ذلك يدعو ساندرز إلى "ثورة سياسية" ضد سلطة الشركات. ولمواجهة التغيرات المناخية، يدعو في حملته الانتخابية إلى التغلب على لوبي شركات النفط والغاز والفحم. والإشارة إلى التأثير الكبير للبنوك، ويذكّر ساندرز دائما بان منافسته حصلت في العام الماضي على ما مجموعه 600 الف دولار من بنك جولدمان ساكس الاستثماري. ، لقاء كلمات او محاضرات قدمتها.
ويقود فريق ساندرز حملة انتخابية متينة تتوجه نحو أوسع أوساط الطبقة الوسطى، والفقراء ، عبر مناظرات تلفزيونية ناجحة وفعاليات انتخابية كبيرة ، مركزين على الفئات الشابة، التي تأخذ حصة الأسد من ناخبي ساندرز، في حين حصلت كلينتون على دعم كبير من النساء والفئات العمرية المتقدمة. وفي شهر كانون الثاني فقط، تلقى ساندرز 20 مليون دولار تبرعات لحملته الانتخابية. و بلغ مجموع التبرعات لحمتله الأنتخابية 95 مليون دولار، شارك في تقديمها 3025 مليون متبرع صغير، اي اكثر من ضعف المتبرعين الصغار الذين دعموا باراك أوباما في عام 2008.
ولم تمر مناظرة تلفزيونية، دون أن يُسأل ساندرز عن الاشتراكية، وكان المصطلح خلال عام 2015 الأكثر تصفحا على موقع قاموس "مريام" الالكتروني. وكان استطلاع نظمه معهد "يو –غوف" في تشرين الأول الفائت، قد أشار إلى أن 49 في المائة من أنصار الديمقراطيين ينظرون بايجابية الى الاشتراكية، وحسب الاستطلاع، فان 37 في المائة يؤيدون الرأسمالية. وحملة ساندرز الانتخابية والنتائج الايجابية التي يحققها تحولت إلى مناسبة وفرصة لليسار ألأمريكي لتنشيط الحوار والمناقشات بشان بدائل اليسار السياسية والفكرية، ويتلقى ساندرز دعما من اليسار الماركسي، هذا ما أكدته كاشاما سوانت الماركسية التي اعيد انتخابها مجددا لعضوية مجلس بلدية سياتل، والتي تحاول تحويل الحملة الانتخابية الى منطلق لولادة حركة يسارية مستقلة.