مدارات

رؤية المتظاهرين إلى الإصلاح ومطالبهم

في الوقت الذي تشهد فيه بلادنا، انتصارات كبيرة ومفرحة تجسدها قواتنا الأمنية ومقاتلو الحشد الشعبي والعشائر، آخرها في مدينة الرمادي، نؤكد أهمية تعزيز الدعم الكامل والمتنوع لكل القوات المرابطة في جبهات القتال، لتحقيق النصر على الإرهاب، وصولاً إلى عراق أمن ومستقر.
وإذ تستمر تظاهرات واحتجاجات واسعة في البلاد رداً على اشتداد الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأسباب متعددة أبرزها وأكثرها حسماً نهج المحاصصة الطائفية الأثنية، الذي يُعد أساس أزمة النظام السياسي الحالي وعلة فشله الذريع في بناء الدولة وإدارتها وعدم توفير أبسط متطلبات العيش الكريم للمواطنين. نقول: إذ تستمر التظاهرات وصنوف الاحتجاجات الأخرى ضدّ هذا الوضع العقيم.. فإن المطالب الاحتجاجية قد وضعت نصب عينيها أن يكون الخلاص من هذه المحاصصة وإعلاء شأن مبدأ المواطنة عنصراً رئيساً في أيّ رؤية جدية إلى عملية الأصلاح وتحقيق العدالة الأجتماعية، فهذا هو أحد أهم مطالب الحراك الشعبي وشعاراته، وينبغي له أن يكون دليلاً مرشداً في تحديد أولويات الإصلاح والتغيير المنشود وإجراءاته التنفيذية.
وبعد مضي نحو سبعة أشهر على إصدار حزم الإصلاح الاتحادية وكذلك حزم الأصلاح المقدمة من الحكومات المحلية، فإنها ظلت تصطدم بمقاومة المناوئين للإصلاح وفي مقدمتها القوى المتنفذة في السلطة، وراحت السلطات تتذرع باشكال مختلفة لتسويفها.
ويدفع التردد والبطء في عملية الاصلاح جموع المتظاهرين إلى مزيد من الإصرار على التظاهر والتعبير عن احتجاجهم بوسائل سلمية متنوعة، سعياً إلى الضغط من أجل الحصول على مكتسبات حقيقية وملموسة وإحداث التغيير المطلوب.
ومن خلال متابعتنا إجراءات السلطات الثلاث والتوجهات اللاحقة في تنفيذ المطالب المشروعة للمتظاهرين وأبناء الشعب، نؤكد على المطالب التالية، وهي بمثابة رؤية بإمكان السلطات تنفيذها:
أولاً/ السلطة التنفيذية:
1. إلغاء لجنة التوازن، لأنها غير دستورية، وتكرس نهج المحاصصة الطائفية والاثنية، الذي هو بالضد من تطلع العراقيين لإقامة الدولة على مبدأ المواطنة.
2. التوقف عن اتخاذ القرارات التقشفية الترقيعية التي تمس لقمة عيش المواطنين، للحد من الأزمة الاقتصادية، والعمل بدلاً من ذلك على استعادة الأموال المنهوبة، وهي بمئات المليارات من الدولارات.
3. تشكيل "هيئة الإصلاح "من مستشارين، ذوي تخصص علمي ومهني (تكنوقراط)، مشهود لهم جميعاً بالنزاهة والكفاءة، وتكون مهمة هذه الهيئة متابعة تنفيذ برنامج الاصلاح الذي تنادي به الاحتجاجات الشعبية.
4. تفعيل قانون من أين لك هذا، وتجميد أرصدة المسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات فساد.
5. توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين، وتأمين المساحة الكافية للتعبير عن رأيهم، ومحاسبة من اعتدى عليهم وفقاً للقانون، والكشف عن مصير المتظاهرين المغيبين.
6. نطالب بانضمام العراق إلى اتفاقية روما الخاصة بمحكمة الجانيات الدولية.
ثانياً/ السلطة التشريعية:
1. ان يتوجه المجلس إلى تشريع القوانين التي تمس حياة الناس وتضمن تطور البلاد ومنها: اعادة النظر في قانون سلم الرواتب على قاعدة الشهادة والخدمة، بما يضمن تقليص الفجوة في الاجور ويحفز حسن الأداء، وقانون الضمان الاجتماعي، وتعديل قانون التقاعد الموحد، وقانون النفط والغاز، وقانون الخدمة العسكرية الالزامية ومراجعة مشروع قانون الحرس الوطني، وتعديل قانون انتخابات مجلس النواب، وقانون حق الحصول على المعلومة.
2. تشريع منظومة القوانين التي تتعلق الحريات العامة، بما يتفق مع تطلعاتنا الديمقراطية، وبعد الأخذ برأي منظمات المجتمع المدني، فضلاً عن إلغاء القوانين الموروثة من النظام السابق، التي تقيد هذه الحريات.
3. تفعيل استجواب الوزراء والمسؤولين في الدولة، ومحاسبة من يثبت تقصريهم قانونياً، بعيداً عن الاستعراض الإعلامي الذي اعتدنا عليه في السنوات السابقة.
4. تشريع منظومة القوانين القضائية، بما يخلص مجلس القضاء الأعلى ودوائره الأخرى من نهج المحاصصة الطائفية-الاثنية، ويحفظ استقلاليته، وإبعاده عن الفساد عبر بنائه على قاعدة الكفاءة والنزاهة واحترام القانون.
5. تخليص الهيئات المستقلة، بما فيها المفوضية العليا للانتخابات من مبدأ التوازن (المحاصصة)، بما يحقق استقلاليتها الحقيقية، ويعزز من عملها لكل العراقيين.
6. تشريع قانون يمنع تولي مزدوجي الجنسية مسؤولية المناصب السيادية.
ثالثاً/ السلطة القضائية:
1. اصدار أحكام قضائية في القضايا الملفات التي تسلمها القضاء، من دون تأخير وإبطاء، كملفات الفساد، وملف التحقيق في قضية سقوط الموصل وملف سبايكر وغيرها.
2. حث السلطة القضائية على التنسيق والتعاون المثمر مع هيئة النزاهة للتحقيق والبت في شأن قضايا الفساد، وضمان عدم تسويف أي ملف تحت أية ذريعة كانت.
3. الإسراع في أنجاز الدعاوى في المحاكم المختصة، عبر وضع آلية تمكن المحاكم من أداء عملها على أتم وجه ومن دون تأخير.
4. العمل على تهيئة قاعدة معلومات عن اداء القضاة وفق الكفاءة والمهنية، واستكمال شروط نزاهة القضاء.
5. مساءلة المسؤولين الذين يدلون بمعلومات عن ملفات فساد، أو يصرحون بامتلاكها، ومحاسبة المتسترين منهم على هذه الملفات.
6. تفعيل هيئة الإدعاء العام، بما يجعلها سلطة لخدمة الشعب والدفاع عن حقوقه.
رابعا :مكافحة الفساد
1. ملاحقة الفاسدين والمفسدين بقوة القانون، وإحالتهم إلى القضاء بغض النظر عن مواقعهم في الدولة ومراكزهم الوظيفية، واسترجاع كل الاموال المسروقة من قبل المتورطين في صفقات الفساد. والتصدي للفساد الاداري والمالي وباشكاله الاخرى، الحليف الموضوعي للارهاب، عبر اخضاع ملفات الفساد الى اجراءات قضائية واحالتها الى هيئة النزاهة.
2. متابعة الكشف واتخاذ الاجراءات اللازمة بشأن الملفات الاتية: الحسابات الختامية للوزارات العراقية منذ 2004 حتى الآن، ملف جريمة سبايكر، ملف سقوط الموصل، ملف اجهزة كشف المتفجرات وملف الاسلحة الروسية وسائر ملفات التسليح التي تسوبها حالات فساد، وملفات الفساد في المحافظات.
3. مكافحة غسيل الأموال في البلد وخاصة في البنك المركزي.
4. محاسبة المقاولين والتجار الذين يستخدمون الرشى وعلاقاتهم بالقوى السياسية المتنفذة وكل المسالك غير القانونية من أجل الحصول على المشاريع، واستخدام آليات القانون بحق الشركات التي تتلكأ في تنفيذ المشاريع.
خامسا: إصلاح الخدمات العامة وقطاعات الدولة
1. بناء نظام الضمان الاجتماعي وتطبيق قانون الرعاية الاجتماعية بشكل عادل، وتشريع قانون الضمان الاجتماعي بما يؤمّن توفير الخدمات المجانية للصحة واصلاح النظام التعليمي، ومعالجة ازمة السكن. وأن يقترن ذلك بتعزيز اجهزة الدولة الفنية المعنية بادارة ومراقبة الشراكات مع القطاع الخاص.
2. التدقيق في خطط تجهيز الكهرباء واولوياتها، وتفعيل اطر التخطيط والتنسيق لجميع الجهات الادارية الحكومية المعنية في قطاع الطاقة عموما، والكهرباء بشكل خاص.
3. الاهتمام المكثف في إصلاح الادارات المعنية بالخدمات البلدية، في بغداد والمحافظات كافة، ومكافحة الفساد المنتشري في مؤسساتها المختلفة بصورة جدية، وتذليل المعوقات التي تحول دون توفير الخدمات البلدية الاساسية كوجود الكتل والحواجز الكونكريتي.
4. تسهيل الاجراءات والمعاملات الادارية المتعلقة بالحصول على الخدمات، وتقديم مزيد من الدعم لادخال تطبيقات الحوكمة الالكترونية.
5. وضع خطة إستراتيجية لإصلاح قطاع الصحة، وبناء نظام رعاية صحية في بغداد والمحافظات، وحماية المواطنين من جشع القطاع الخاص عبر تشريعات تضمن لهم حقوقهم.
سادسا: اصلاح الاقتصاد الوطني
1. تبني استراتيجية تنمية مستدامة وخطط لتنويع وتوسيع قاعدة الاقتصاد، واستثمار القدرات البشرية بشكل كفوء لتحقيق حياة افضل للمواطنين، والتخلص من احادية الاقتصاد باعتماده على الموارد النفطية.
2. تشجيع الانتاج الوطني والمنتجات المحلية باتخاذ اجراءات حاسمة لتطبيق قوانين التعرفة الكمركية وحماية المستهلك والمنتج الوطني، وتقديم القروض الميسرة للمشاريع الانتاجية، مع الاسراع في اعادة تأهيل وتشغيل الشركات والمصانع المملوكة للدولة، والتشجيع المطلوب للقطاع الخاص.
3. خفض الانفاق الحكومي وترشيده، واستحداث ادوات تشجيع الادخار الوطني وتطويرها، والحد من مستويات ومعدلات الاستهلاك العام والخاص المرتفعة، ورسم سياسة جاذبة للاستثمار.
4. رفع أعباء الاجراءات التقشفية عن اصحاب الدخول المحدودة، واعتماد الضرائب التصاعدية، وتحسين نظام جبايتها من غير العاملين في الدولة.
5. ضمان توفير مواد البطاقة التموينية ووصولها إلى المواطنين بالكميات والنوعيات المقررة.
6. اعطاء الأولوية في تخصيص الموارد وفي توجيهها لتلبية المتطلبات الأساسية للأسر تحت خط الفقر والنازحين، ومكافحة البطالة وبإيجاد فرص عمل للشباب.
مؤتمر بغداد لحركات الاحتجاج
بغداد
29 كانون الثاني 2016