المنبرالحر

الأسود يليق بهم / قيس قاسم العجرش

ليس فقط لأن فيه يوم إعدام عبد الكريم قاسم، فشباط من عام 1963 كان قاتماً في العراق كله وليس فقط في مبنى الإذاعة ومعسكر الرشيد ووزارة الدفاع.
الشباطيون لم ينزاحوا عن أنفاس العراقيين منذ ذلك اليوم والى يومنا هذا.
كل يوم وفي كل مرحلة يتلوّنون بلونٍ من مشتقات الأسود، يصبغون به أيديهم مرّة ويعتّموا به أيام الناس مرّة أخرى وثالثة يرتكبون فيه من البشاعة ما يستحي منه حتى السواد.
الشباطيون وطريقة تفكيرهم التكفيرية العدمية الناهشة ليسوا قدراً لنا كما حاولوا ان يصوروا طيلة عهود مضت، إلا أن الجريمة ومستواها المُطلق في فِكرهم هي التي أتاحت سلوكاً حيوانياً قلّما نجد في عالم الحيوان بشاعة من مثله.
جريمة الثامن من شباط عام 1963 كانت سُلّمة أولى في درج تصاعدت فيه تسافلات الشباطيين فوقفت عند محطاتٍ لا تنمحي بسهولة.
ليست مجازر الأنفال أو مذابح عام 1975 في حملات التطهير العرقي في كردستان أو الحصد الآدمي النوعي للكرد الفيليين أو أتون الحرب العراقية الإيرانية أو حماقة الاعتداء على الكويت او جز الناس بالجملة في عام 1991 إلا شباطاً مستمراً ومتمحوراً حول عقلية سكنت عقول حملة البنادق الجبانة يوم الثامن من شباط الأسود.
عبد الكريم قاسم قد مات في لحظات، لكنهم يرتكبون جريمة في كل لحظة منذ ذلك الحين والى ساعتنا هذه.
دارت الدوائر وتغيرت مقادير الظلم التي تحكم من خلالها الشباطيون بقدر الناس وآمالهم وفجأة انزاحت دولة الشر التي استعملوها كسكاكين للجسد العراقي ، فتغيرت جلودهم بسرعة البرق،..وتصالحوا بأعجوبة فائقة السرعة مع ثوب الدين ومظهر السلفيات الصحراوية وتماهوا في خلطة عجائبية بين مصلحتهم ومفاتيحهم الفكرية التي هي عبارة عن توصيف أدبي لما تعرّفه كل الإنسانية على أنه جريمة.
لبسوا ثوب الدين والتطرّف لأنه أجدى وأنفع ومنهم كثيرون ركبوا سفن الطائفية التي توصلهم الى موانئ إعادة التزود بالجريمة.
لكن شباط الأسود ماكث فيهم يصف لهم سوءاته وينشّط ذاكرتهم الجُرمية لمزيد من الإيغال في دماء الناس.
تصوروا أنهم تنكروا بتلوين ذواتهم لكن حاصل جمع ألوانهم دائماً يكون الأسود والأسود فقط.
لكن عبقرية الشر هذه لم تنفذ الى مجتمعنا إلا عبر متلازمة عمى الألوان التي يسعون هم بأنفسهم الى اشاعتها واستدامتها بين الناس..
فهل هو قريب اليوم الذي سيميز فيه عامة العراقيين ألوان و سحنات أصحابَ شباط؟..كيفما كانت تبدو عليه طائفتهم او أفعالهم ؟ أو الوان جلودهم؟