المنبرالحر

قانون التقاعد الموحد--- آمال مفرحة وخيبة أمل / عبد الجبار نوري

الأثنين 3-2-2014 يوم تأريخيٌ في حياة أوسع شريحة متعبة حين حفر الزمن أخاديد من الآلام والبؤس وشظف العيش دفعت فاتورتها أربعة ملايين متقاعد من العراقيين، وأستغرق الملف سنتين حين أخذ نصيبهُ من المماحكات والمزايدات السياسية والأنتخابية على حساب المتقاعد المتهالك والذي أفنى زهرة شبابهِ في خدمة الدولة وشربَ من عبثيات حروب النظام السابق وأكل من نخالة طحينهِ الممزوج بشوائب غير صالحة للأستهلاك البشري، وحمل أمراض الوظيفة المزمنة، وعايش مرارة الحصارالأقتصادي، وبمرتب (تفاليس) لا تكفي لأيامٍ قلائل فداءاً لشعار البعث (كلُ شيء للمعركة ) ، ويذكرني هذا الراتب (التفاليس) البائس ، برحومي أبن طرفنا في خمسينات القرن الماضي ذلك الرجل الكهل المرح ، يشتغل حارس في شركة نفط العراق، عندما نسألهُ:" أشكد راتبك رحومي؟ يجيب بجدية فيها شيء من السخرية: راتبي أو راتب مسترأندرسون (خبير نفطي بريطاني مدير عام الشركة) 504 دنانير ---يعني راتبه أربعة دنانيرفقط ، ويعيل به عائلة من 11 فرد ، (ورباط الحجي) لوتسأل أي متقاعد اليوم و قد تجاوزالسبعين من العمر، وخدمة أكثر من25 سنة ، نفس سؤال رحومي : شكد راتبك حجي؟ حينها يقول بنبرة مليئة بالحسرة وألم وأحباط وهو ينفث سكارتهِ التي ترتجف بين أصابعهِ ، ولم يكتم أبتسامتهُ الساخرة--- والله أبني راتبي التقاعدي وراتب (---) من مجلس النواب وخدمتهُ أربع سنوات: ثمانية ملايين وأربعمائة ألف دينار ، والشكوى لله بعد ما قابضها لأن وراها حصبه أو جدري!! أو أبو المثل يكول: لا تكول سمسم إلا تلهمه؟؟؟
والغريب إنّ القانون أستغرق مدة سنتين بين الشدِّ والجذب والمماحكات والجدال ، وقرر المجلس الأجتماع والتصويت عليه يوم الأثنين 3-2-2014 و بحضور167 نائب وصوّتوا عليه بالأغلبية وبهمة الجميع وتوافقهم ، حبذا لو يتم أنجاز القوانين المعطلة بهذا التوافق مثل قانون النفط والغاز ، وقانون تجريم البعث، وفانون البنى التحتية ، وقانون الأحزاب --- وعلى اٌلأقل التصويت على الموازنة السنوية التي لها المساس بمصالح العراق وشعبه والذي بقي من عمر الحكومة ثلاثة أشهر فقط، يظهرأنّ وراء الأكمة شيء!!.
وللتأريخ أستبشرنا بأقرار القانون وفرحنا بهِ بالرغم من نواقصهِ: *إنّ قانون التقاعد منح الحق لمجلس الوزراء زيادة الرواتب التقاعدية في حال وجود تضخّمْ مستقبلاً. * إنّ القانون لم يحرم الموظف المعزول الذي ترك الخدمة لأسباب أضطرارية ، أو المستقيل بعد 9-4-2003 من راتبه التقاعدي. *ومن حسناته أنهُ ساوى بين المتقاعدين قبل وبعد 2003 .*وإنّ فقرة غلاء المعيشة تكون منقذة في حالات الغلاء والتضخم بأعتبار إنّ القوّة الشرائية للعملة تتأثر بالتضخم.*وأنّ القانون لم يحرم القطاع الخاص والمموّلة ذاتياً من التقاعد .* ومن حسنات القانون يعتبر أنتصاراً حقيقياً للطبقات الكادحة والفقيرة وعربوناً بسيطاً يقدم للمتقاعدين عرفاناً بحقهم الذي تأخرطويلاً إلى أنّ رأى النور بالصورة التي أنصفت أربعة ملايين مستفيد.*كما أستجاب القانون الى مطالبات الكثير من الرموز العلمية والقضاة وأساتذة التعليم العالي والسفراء .*وإنّ شرائح كثيرة أستفادت من القانون كصغار الموظفين والعاملين كعقود الذين كانوا محرومين من التقاعد.
ألا إنّ بعض فقراتهِ أثارتْ أستياءاً في الأوساط الشعبية والسياسية ولاسيما الفقرة( 38 ) التي منحت رواتب تقاعدية كبيرة لأعضاء البرلمان وكان تمريرهً بهذا الشكل الغير أخلاقي وخالي من الشفافية والدبلوماسية وبأنانية مفرطة، والذي يعتبر ألتفافاً على الدستوروعلى قرار المحكمة الأتحاديةِ الذي ألغى الرواتب التقاعدية للنواب بتأريخ 23-10-2013 ، ولأنّ قرارات المحكمة الأتحادية (باتّة وملزمةٍ) ، *وإنّهُ مكسب جماهيري حصل عليهِ بشق الأنفس عبر تظاهرات جماهيرية حاشدة ولمدة أكثر من شهرين، ويعتبر ألتفافا على أرادة الشعب العراقي، أضافة الى كونه خرقا دستوريا وقانونيا.
نص التعديل / حسب الفقرة" 38"
الفقرة ذات اللغم الخطير الذي تجاوز به المجلس قرار المحكمة الأتحاديّة وهذا نص الفقرة:
يحتسب الراتب التقاعدي ل{ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ونوابهم وأعضاء مجلس النواب والوزراء ومن هم بدرجتهم وأعضاء مجلس الحكم ومناوبيهم وأعضاء المجلس الوطني المؤقت وأعضاء الجمعية الوطنية ووكلاء الوزارات ومن بدرجتهم ومن يتقاضى راتب وكيل وزارة والمستشارين ، واصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامين ومن بدرجتهم} في حالات التقاعد والوفاة والأستقالة بموافقة الجهات المختصة كما يلي:
1- 25 % من آخر راتب أو مكافأة أو أجر والمخصصات التي يتقاضاها في الخدمة .
2- تضاف نسبة 5-2 % من آخر راتب أو مكافأة أو أجر والمخصصات عن كل سنة من سنوات الخدمة على أنْ لا يزيد الراتب التقاعدي عن 80 %. أنهُ أنقلابٌ على المباديء والشرف والنخوة والأستخفاف بعقول الشعب ، ما هكذا تورد الأبل يا نوابنا النشامى !! تمررون أمتيازاتكم ومصالحكم البرجوازية الطفيلية تحت ظل عباءة المتقاعد البائسة والمتهرئة التي أطاحت ورقة التوت عنكم --- وتعلمون علم اليقين أنهُ مرفوض شرعاً وقانوناً وأنصافاً، وأنهُ يثقل الميزانية ،وهوحافز لخلق فارق طبقي في مجتمع ديمقراطي يجب أن تسود فيه العدالة الأجتماعية.
3- إنّ 167 نائب كذبوا على الشعب العراقي عندما صوّتوا على قانون التقاعد وهو في مرحلته الأخيرة ، كما يقول المثل" غرّبْ ----- خرّبْ .
4- وإنّ 131 نائب صوّت على الفقرة 38 من مجموع 169 نائب حضرمن الكافيتريا للتصويت على أكبر عملية نصبٍ وأحتيال.
5- صوتوا لحماية مصالحهم على حساب مصالح الشعب.
6- البرلمانيون تنصلو من الوعود وأستفادوا من القانون .
أخيراً أهيبُ بجمهور المتقاعدين والنخب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني وقوى اليسار التقدمي وجماهير التيار الديمقراطي والأقلام الحرّة :أن نقف جميعاً لألغاء الفقرة 38 السيئة الصيت، وأسناد قرار المحكمة الأتحادية لبث روح المواطنة الصادقة من خلال أحترام القانون ، والمساواة والعدالة الأجتماعية-- وأنتزاع حقوق المتقاعدين، ورجاء وطني الى اللجنة الأمنية في المجلس أعلان أسماء الذين صوّتوا على الفقرة الظالمة من لأجل أن يميّز الناخب بين الصح والخطأ !
من حق الشعب العراقي أنّ يسأل : كيف سمح رئيس المجلس الموّقر في تمرير الفقرة " 38" للتصويت مع ملف التقاعد الغير موّحد؟ !