المنبرالحر

الطائرات الخاصة وصراع القوى داخل البرلمان / ابراهيم المشهداني

يبدو ان الاختلافات بين القوى المتنفذة داخل البرلمان والتصريحات والتصريحات المضادة المعبرة عن الفعل ورد الفعل والتي سرعان ما تأخذ طريقها الاعلامي سواء في الصحافة او الاعلام المرئي او اجهزة التواصل الاجتماعي ،اصبحت جزءاً من الجدل البيزنطي في العديد من الموضوعات المطروحة تحت قبة البرلمان.
وكما هو واضح فان الازمات المتتابعة اصبحت من حيث التوصيف مثل كرة الثلج تبدأ صغيرة ولكنها في نهاية المطاف تتحول الى كتلة كبيرة قد تتحول في مكان ما ولحظة ما الى كارثة حقيقية كما هي حالنا اليوم . اقول، يبدو ان الازمات والإشكاليات الكبرى المتراكمة غير كافية لتظهر قضية الطائرات الخاصة على مسرح البرلمان. فعندما تطرح كتلة ما او احد نوابها رأيا سواء كان مقبولا من الشارع العراقي او غير مقبول ينبري احد نواب كتلة اخرى ليصرح بما يخالفه وفي غالب الاحيان لمجرد المخالفة، بحيث اصبحت قاعدة في الحوار بين الطرفين .
ولنرجع الى موضوعنا لنتساءل عن البواعث الحقيقية التي تقف وراء طرح موضوع الطائرات الخاصة ولمن هذه الطائرات فهل تعود ملكيتها الى رؤساء الكتل السياسية المتنفذة في الحكومة والبرلمان ام لشخصيات كاريزمية في مجتمع الاغنياء وقد يكونا كلا واحدا، ثم ماهي الحاجة الملحة التي ظهرت فجأة في هذه الايام الى طائرات خاصة لنقل الزعماء من محل سكناهم الى قاعة البرلمان او ربما من محافظة الى اخرى وقد يكون الغرض منها حضور المؤتمرات الدولية او اجتماعات القمم على سبيل المثال لتدارس الازمة المتفاقمة في مدن الرمادي والفلوجة التي اصبحت مسرحا لمعركة حامية بين القاعدة وحلفائها من مسلحين ينتمون الى عشائر ومنظومات سياسية لها امتدادات خارجية والتي كانت بداياتها فخا كان يمكن تحاشيه بالحكمة والدهاء السياسي؟ ام انها محاكاة لما يجري في الولايات المتحدة الامريكية او غيرها من البلدان الرأسمالية حيث ينعم الرأسماليون والأثرياء في عالم الصناعة والتجارة وحتى عالم السينما بحياة باذخة ولأنهم مزدحمون بإعمال ومشاريع تضطرهم لاستخدام طائرات خاصة لانجاز هذه الاعمال , ومن المنطقي ان يمتلك بعض زعماء العالم طائرات خاصة بهم للتنقلات الداخلية او الخارجية عند ا?اقتضاء اذ لا يمكن في مثل هذه الاحوال اللجوء الى الخطوط الاعتيادية لاعتبارات امنية وأهمية موضوعات الزيارة وما اليها .
ومن ناحية اخرى ففي بلادنا لا يمكن انكار ظهور فئات ثرية ثراء فاحشا بشكل ملفت وهو امر لا يثير العجب او التساؤل عن مصادر هذا الثراء اذا ما تبحرنا بالتدفقات المالية التي تأتي من تصدير النفط ويجري انفاقها عن طريق الموازنات السنوية وهي الاداة الرئيسية في توزيع الثروة وكيفية الاستيلاء عليها من خلال اوعية الانفاق المثيرة للجدل وغياب الرقابة الشعبية وضعف الرقابة البرلمانية مع اجهزة الرقابة الحكومية الاخرى والتي لم تستطع هيئة النزاهة وهي واحدة من اجهزة الرقابة ويفترض ان تكون مستقلة، ان تحصل على 50 بالمائة من كلف الذمم المالية لكبار موظفي الدولة ونواب الشعب .كل ذلك معروف ولكن هل يبرر ذلك الحديث عن الطائرات الخاصة ؟ وإذا كان رئيس الوزراء يستخدم طائرة خاصة في اسفاره لإغراض رسمية الى دول العالم فأين العجب في ذلك مثلاً، فكل الرؤساء في العالم يستخدمون طائرة خاصة ويمكن ان تستخدم هذه الطائرة ذاتها لرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان . ولكن هل حان الوقت ليملك اي مواطن طائرة خاصة؟ وهل انجزت كافة التشريعات في القضايا الملحة التي تهم حياة الفقراء من معالجة ظاهرة البطالة وقانون الضمان الاجتماعي الشامل وحزمة القوانين المؤجلة الى ماشاء الله.. الى الوضع الامني المتدهور وفوضى الاقتصاد والضعف الخدماتي في كافة المحافظات اضافة الى مشكلة الفساد، لتبقى قضية الطائرات الخاصة معلقة ام انها نافذة جديدة للشحن الطائفي والانتخابات على الابواب؟ اتركوا مصالحكم ولو لبعض الوقت وفكروا بهموم الناس يا سادة يا نواب وخذوا الدرس من التجربة التونسية.