المنبرالحر

الخطاب السياسي المتوتر إلى أين؟ / جاسم الحلفي

تتصاعد نبرة الخطاب السياسي المتوتر بين الفرقاء السياسيين، وتتزايد حدته مع اقتراب موعد الانتخابات المقرر اجراؤها يوم 30 نيسان القادم. ويعبر ذلك عن احد معالم الازمة وصورها، والتي انعكست تبعاتها على اوجه الحياة العامة، وهي تلقي بظلالها على أوضاع الناس، مخلفة المزيد من القلق ومعمقة حالة الاحباط التي طبعت المزاج العام، وذلك للقناعة التي تولدت بعدم قدرة المتنفذين على إنهاء الأزمة، حتى أصبح مطمح الناس الاول هو ان تمر الايام بهدوء وسلام، وجل ما ينتظره المواطن ان لا يسوء الحال اكثر مما هو عليه.
يعكس هذه الخطاب اجواء الصراع الدائر بين المتنفذين، الذين يشغل بالهم دوما موضوع السلطة، بما توفره لهم من امتيازات وجاه، وما تدره من مال ونفوذ. والمتوقع ان يستمر هذا التنابز والاحتراب، وتتصاعد وتيرته اكثر فاكثر، وأن يلوح بعض المتنفذين للبعض الآخر بفتح ملفات، مما يعني ان البلاد مقبلة على المزيد من الفضائح وعمليات التسيقط السياسي. ما يسمم الاجواء المسمومة اصلا، ويزيد من تذمر الناس، ويعمق من شعورهم باليأس نتيجة اتسام السنوات التي مرت بعد التغيير بالفشل المرير.
لم يكن تصعيد التنابز هذه الايام محض صدفة، بل هو تعبير دقيق عن احد مظاهر الازمة الخانقة التي يمر بها العراق، ونتيجة طبيعة لنظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذي لم تراع فيه مصلحة المواطن. فالمحاصصة جلعت العراق مرتعا للارهاب، وبيئة للفساد، وملاذا للفاشلين وغير الكفوئين، وها هي موارد العراق البشرية والمادية والمالية تبدد دون طائل، وبعيدا عن اي رادع او وازع.
اليوم والعلاقات السياسية بين المتنفذين تشهد صراعا محموما وقطيعة تامة، سمحت لقوى الارهاب بالاتحاد، وتسديد ضرباتها الموجعة لأبناء الشعب العراقي الآمنين عبر عمليات التفخيخ واحتلال مناطق جغرافية في بعض المحافظات، كما هو الحال في الانبار والموصل وديالى وصلاح الدين، وتستخدمها مناطق نفوذ وانطلاق لتهديد النظام السياسي برمته، فيما مازالت الخلافات تتعمق بين الحكومة الاتحادية والاقليم، وبين رئاستي مجلس الوزراء ومجلس النواب. وهناك خلافات عميقة ايضا داخل كل طرف من اطراف التحالفات الثلاثة الحاكمة.
يتضح يوما بعد آخر، انه لا مخرج من الازمة وما تخلفه من تداعيات الا باعتماد نهج آخر، غير نهج المحاصصة الطائفية والاثنية لإدارة الحكم، نهج بعيد عن الولاءات الفرعية التي وضعت البلاد على حافة الهاوية. فلن يكون هناك امن ولا استقرار الا بتغيير نهج الطائفية السياسية، وباعتماد نهج المواطنة، المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات. فهذا وحده النهج القادر على بناء الدولة وفق مبادئ المدنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.