المنبرالحر

الكرد الفيليّة، ومأساة ألرابع من نيسان/ عبد الجبار نوري

الفيلية هي شريحة تنتمي الى الكورد، وتقطن المناطق الحدودية الجنوبية والشرقية من العراق، وهم شعبً يمتلك التأريخ والحضارة والثقافة ألأنسانية والأحساس بالعراق، فألفيليون مكوّنْ عراقي أصيل ، وبحكم التعايش الطويل مع أخوانهم العرب وبفعل ألأختلاط والأمتزاج ألأثنوغرافي لآلاف السنين يتقنون أللغة العربية أكثر من أللغة ألكردية ، ويقدر عددهم بثلاثة ملايين نسمة ، يسكن أكثر من 70 % في ألمدن العراقية كالعمارة وعلي الغربي وناحية شيخ سعد وباكساية الشهابي حاليا ومندلي وبدرة وجصان وخانقين وجلولاء وبغداد والحلة وكربلاء ، وبعد التقسيم بين العراق وأيران لم يبق في تصورهم وطن سوى العراق ، ولكن حبهم وولاءهم لوطنهم لم يشفع لهم ، حيث عدتهم ألحكومات العراقية ألمتعاقبة ب( تبعيتهم لأيران) ، ومن زمن ألملك فيصل ألأول ظلّ ألفيليون مطعونين بولائهم ووطنيتهم ، وأنّ ما أصاب ألكرد ألفيلية على مدى أزمنة تلك ألحكومات ألكثير من ألظلم والتعسف وألتهميش وألأقصاء 1- من الناحية القومية ككرد 2- ومن الناحية ألمذهبية 3- ومن الناحية ألآيديولوجية السياسية لميل ألأغلبية منهم ألى ألفكر اليساري ، لذلك ظلموا وأضطهدوا من ثلاثة جوانب حياتيّة مجتمعيّة ، وللحقيقة والتأريخ لن ينسي ألمكون ألفيلي ما تلقاه من هول وبمعاناة مريرة وأيامٍ سوداء مظلمة على يد ألنظام ألبعثي ألصدامي قلّ نظيرهُ في الحكومات ألدكتاتورية في العالم ولا حتى في ألمعتقلات ألنازية ، ومرّتْ على هذا ألمكوّن ألمظلوم في الرابع من نيسان1980 ذكرى أليمة حتى سميّتْ بيوم {ألشهيد ألفيلي} حين شنت سلطات ألنظام البعثي ألصدامي حملة عمليات تهجير قسري لعوائل ألكرد ألفيليين بأصدار قرارها ألمشؤوم { 666 } بأسقاط ألجنسية ألعراقية عن أبنار ألمكوّن ألفيلي ، بحجة تبعيتهم ألأيرانبّة بشكلٍ تعسفيّ همجي وبأسلوبٍ ديماغوغي وحشي خالي من الشرف وبطريقة لصوصية حين دعى ألتجار ألى أجتماع غرفة تجارة بغداد حيث عزل تجار ألكرد الفيليين – وحدثت ليلاً- وأحتجزهم بأعتقال تعسفي ثًمّ أبعدهم خارج الحدود بأتجاه أيران وبعدها بدأت ألمداهمات من قبل أزلامهِ بحق عوائل ألكرد ألفيلية *وتمّ تشريد نصف مليون شخص الى شتى أنحاء ألعالم * مصادرة غير قانونية ولا شرعية لأموالٍ عامّة منقولة وغير منقولة * تغييب 15 ألف شاب في غياهب ألسجون والمعتقلات الرهيبة دون أصدار أيّة مذكرة توقيف قضائية ** تصفيّة ألعشرات من تلك ألكوكبة ألشبابية ألغضّة بين أعمار 18-الى 28 سنة جسدياً ، والمأساة ألمريرة ألتي لن تنسي لدى هذا ألمكون ألعراقي ألمظلوم هو سلب العوائل لشبابها الى ألمجهول لحد ألآن ولم يعرف عن مصيرهم شيء ، وثم نقل ألعوائل بسيارات عسكرية(زيل) بعد تجريدهم من ألأموال والحلي عبر أراضي وعرة جبلية مليئة بألألغام وهي أصلاً أرض حرام ، * وطردهم من وظائفهم في ألمؤسسات ألحكومية ألمهمة وألحساسة والذي يسمى بالفصل ألسياسي وأنّ ما حدث للكرد ألفيليين هو ألسلسلة ألأولى ألتي بدأها ألنظام وأعقبها بجرائم ألأنفال ألسيئة ألصيت ضد ألبشرية وجريمة حلبجة وأبادة ألجنس ألبشري بأستخدام ألأسلحة ألكيمياوية وجريمة تجفيف ألأهوار وجريمة أبادة ألمنتفضين العراقيين ، ثم الترحيل القسري الثانى في 4 نيسان 1980 ألتي تعتبر نكبة النكبات حين جزّء وفكك الأسرة ألفيلية العراقية وسلب منها أولادها وألقت بباقي ألأسرة من أطفال ونساء وشيوخ خارج ألحدود حيث مات منهم في الطريق قهرا وألما وحسرة لضياعهم كل شيء الوطن وألأولاد والممتلكات والى مستقبلٍ مجهول ، والغريب أنّ التهجير شمل أضافة الى الكورد الفيليين ألعديد من أبناء الشعب العراقي من العرب وغير العرب بحجة التبعيىة لأيران أو بحجة عدم ألولاء للعراق أو بحجة ألتبعية ألغير عثمانية ، والجدير بالملاحظة لقد رافقت عملية ألتهجير ألقسري قضيتين أساسيتين هما ألأول : تغييب الشباب بمصيرٍ مجهول لحد ألآن والثاني: هو أسقاط ألجنسية ألعراقية عنهم بشكل تعسفي لا يستند الى مبدأ قانوني أو حتى دستوري أو شرعي مع مصادرة أموالهم ألمنقولة والغير منقولة ، فأنّ قصص هذه ألمسيرات ألأليمة لوحدها تصلح لأن تكون أكبر أدانة في ألتأريخ لأعتى قوّة ظالمة عرفتها ألأنسانية في ألعصر ألحديث ، ومن حق كل مواطن عراقي أنْ يتساءل أين كانت ألأمم ألأمتحدة ؟؟ ومنظمات حقوق ألأنسان؟؟ وأين مواثيقها ألأممية ألتي ألزمتْ ألعالم بالحفاظ على ألجنس البشري وصيانة حرياته (منظمة ألسلام للكورد ألفيلية).
مساهمة ألكرد ألفيليون في يناء العراق
*في المجال ألأقتصادي : كان لأثريائهم دور كبير في حركة ألسوق ألداخلية في الشورجة وجميلة والصدرية وشارع غازي ( الكفاح) وخاصة في مجال تجارة ألمواد ألغذائية، *في المجال السياسي : كان لهم دور في أغلب ألمناسبات ألسياسية والوطنية بالمشاركة ألفعلية في نضالات وأنتفاضات الشعب العراقي وتقاسموا السجون والمعتقلات والمشانق مع قياديّ مناضلي ألأحزاب ألوطنية ، ويشهد لهم ألتأريخ وقوفهم وتصديهم لأنقلاب شباط ألأسود ولأكثر من أسبوع في باب الشيخ * وفي ألمجالات ألثقافية: كان لكوادرهم ألأكاديمية والعلمية حضوراً في جامعة بغداد ، وكتربويين في ألمدارس ، وأن ألجمعية ألخيرية ألفيلية أسست المدرسة ألفيلية ألأبتدائية ألأهلية في بغداد (باب الشيخ) والثانوية الجعفرية ألأهلية في السنك .
ألخاتمة / وهكذا تعوّد ألكرد ألفيلية من أنْ يعطوا ولم يأخذوا ، فكانوا مواطنين مخلصين أوفياء لوطنهم مضحين دون مقابل لذلك أنّ من دواعي ألوفاء أنّ نقف بكل أجلال وخشوع لنستذكربكل تقدير شهداء الشباب من الكرد ألفيلية ، ولنقف ونحيّ هذه ألذكرى ألأليمة ألمقدسة التي تمرُّ عليها 34 سنة عسي أن نوّفي ولو بجزء يسير من تضحيات أولئك ألمضحين بأرواحهم ألغالية من أجل وطنهم وشعبهم وأرواحهم ألعزيزة ، وأنّ للكرد ألفيليين دور كبير في مسيرة العراق التاريخية وتأسيس مجتمع مدني متطوّر ، وأنّ من صميم واجبنا أيصا ل صوت هذهِ ألشريحة ألمظلومة ألى ألرأي ألعام ألعراقي وألمطالبة من خلال أجهزتنا ألأعلامية أرجاع كافة الحقوق ألمغتصبة وتأمين حياة كريمة لهذا ألمكوّن العراقي في ظل نظام ديمقراطي فدرالي تعددي .
مصادر البحث/ 1- العراق الطبقات ألأجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الحمهورية/حنا بطاطو- المجلد الأول ص60 --- 2- مركز الدراسات السياسية والأستراتيجية / مؤسسة الأهرام 3- منظمة السلام للكرد الفيلية