المنبرالحر

لا تحملوا أجيالكم وزر أخطاء إختياركم/ د. علي الخالدي

يبدو أن القائمين على السلطة ، يرومون وبإصرار إستعمال كافة الوسائل، بما في ذلك إستغلال الملكية العامة ومراكزهم الحكومية ، في حملاتهم اﻹنتخابية ، وطرق غير شرعية ، للوصول الى مواقعهم السلطوية السابقة ، ، يلازم ذلك الضرب مجددا ، على وتر الطائفية و المذهبية والعشائرية لكونهم لا زالوا يعتقدون ، بأن الناخب العراقي لم يعد قادرا على كسر طوق الطائفية والمذهبية الذي وجه إختيارهم ، بإتجاه إنتخاب الطالح في المرة السابقة ، وكأن مزاجه وفكره و وعيه لا زالا يميلان لسماع اﻷلحان الطائفية والعشائرية من اﻹسطوانة المشروخة ، وإن العشر سنوات من المآسي واﻷزمات التي هددت كيان عراقه الجغرافي و نسيجه المجتمعي بالتمزق واﻹنفراط ، لم تُغَلْب وطنيته على ما يثيره هواة اللعب بوتر التجييش الطائفي والمذهبي والقومي ، والعودة لسياسية التوافق بوجوه جديدة . ليواصلوا شرعنة نهج المحاصصة الطائفية ، تحت مسميات متماهية مع ماسمي بالشراكة الوطنية ، التي ابعدت كل ما من شأنه النهوض باﻹصلاح ، والتنمية اﻷقتصادية والبشرية، تلبية ﻷجندات دول الجوار القريبة والبعيدة وبالتنسيق مع صاحب إمتياز إسقاط النظام ، ومآرب متبني النهج المقيت ( المحاصصة الطائفية واﻷثنية ) أس مآسينا وأزماتنا.
لم تستكن الناس لما آلت اليه سياسة التوافقات ،فنظمت المظاهرات ، التي قوبلت بالقوة المفرطة ، للخروج من اﻷزمات ، وصلت الى حد المطالبة بكنس مفبريكي تلك المآسي واﻷزمات ، التي تسترت على الفاسدين وسراق المال العام ، ومزوري الشهادات من الفاشلين في موقع القرار، وصمتت على التعدي على الحقوق المدنية بالقفز على الدستور التي ضمن ممارستها ، فعانت الناس اﻷمرين من الفقر والحرمان وسفك الدماء . لم يبق أمامها من أمل للخروج من ما هي فيه من أوضاع مأسوية سوى اﻹنتخابات القادمة ، سيما وأن مآسي السنوات العشر العجاف قد أيقظتها من مخدر الطائفية والمذهبية والعشائرية ، وتهيأت بعزم ، وبحس وطني خوض اﻹنتخابات القادمة ، وكما تشير ملصقات أصحاب المال والسلطة والسلاح ، التي تكورت تحت أباطهم الى جعلها ( اﻹنتخابات القادمة ) معركة سياسية حامية الوطيد ضد التغيير ،وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تسودها العدالة اﻹجتماعية.

قبلت الجماهير العابرة للطوائف التحدي ، ﻷجل التغيير وهي متسلحة بقوة سلاح الهوية الوطنية ، للإحتفال جمعيا بعرس الديمقراطية في الثلاثين من الشهر الجاري ، رغم ما يتعرضوا من معوقات ، والوطن من ظروف محرجة ونوايا تخريب خبيثة ومتعمدة لتشويه بيئته كإحراق نهر دجلة للتخلص من ما تسرب اليه من نفط كما صرح مسؤول حكومي بذلك ، وتفييض نهر الفرات ﻷغراق المدن كما صرحت به القوى الظلامية ، في أجواء من الصمت ، و غياب المعالجة الجدية والعلمية للتصدي لهذه الكوارث ، أو على اﻷقل ، مشاركة الناس حسرتهم التي أحرقت النفوس ، وعرقلت مزاجهم بفرح يوم التغيير المنشود . بينما يواصل هواة السلطة إبتكار البدع والبهلوانيات لتعضيد حظوظ أحزابهم وكتلهم في حملاتهم اﻹنتخابية ، بلامبالاة لما يتعرض له الوطن من دمار وتخريب.

لقد ايقظ عدم مبالاة القائمين على النظام بالنهوض بمسؤولياتهم تجاه مصائر الشعب والوطن، المشاعر الوطنية لدى عامة الناس ، وصعدت من مسؤوليتها وحرصها تجاه مستقبل اجيالها القادمة ، فشحذت همتها العراقية بضرورة التغيير ، وإختيار من يقيم وزننا للوطنية ، الذي لم يُلَطخ تاريخه شبهة فساد مالي أو إداري ، و من عادا الخضوع ﻷجندات خارجية، و من لم تجسر يديه على سرقة قوت الشعب وإستجداء المال من الخارج ، من إعتمد على ما يجود به أبناء شعبه من تبرعات لدعم نشاطاته اﻷنتخابية ، من ذو الكفاءة واليد البيضاء ، الذين ناضلوا وقدموا كل ما من شأنه المحافظة على مسيرة العملية السياسية ، التي إغتيلت على أيادي القائمين على نهج المحاصصة ، فصمموا على درء مخاطر عودة المحاصصاتين بوجوه وشعارات جديدة مرة ثانية الى السلطة ، ليستمر التستر على الفاسدين وناهبي قوت الشعب ، وعدم كشف عوراتهم و أميتهم اﻹدارية والسياسية.
إن تخوف الجماهير حاليا ينصب على سلامة إجراء اﻹنتخابات بسلاسة وشفافية وعلى تعضيد التصدي لمحاولات تزويرها أو عرقة إجراءها ، أو إفتعال ممارسات تعيق حاملي الهم العراقي من ممارسة حقهم في الدعاية لحملاتهم اﻹنتخابية ، أو معوقات أمام المدلين بأصواتهم في الداخل والخارج
لقد إستنهض محبي الوطن وعاشقي الديمقراطية ، الجماهير العابرة للطوائف ( رغم شحة إمكانياتهم المادية ) جهودههم ، وشحذوا همتهم ﻹستغلال فرصة إنتخابات الثلاثين من نيسان ، بإعتبارها الفرصة الوحيدة ولربما ستكون اﻷخيرة أمامهم ، ليحسنوا إختيار الصالح كما نبهت عليه المرجعية الدينية ، وأيصال ذوي اﻷيدي البيضاء مرشحي التيار المدني الديمقراطي ، لقبة البرلمان ، باعتبار ذلك سيوقف تواصل وزر مسار أخطاء إختيارهم للأجيال القادمة ، ويسرع من هبوب الرياح التي تحمل آمال الرخاءً لنا ولهم.