المنبرالحر

حتى لو فرض علينا اﻹنفصال لحاربناه/ د. علي الخالدي

لا أدري من اين سمعت هذه المقولة للخالد البزراني مصطفى ، لكن ما هو مؤكد هو أنني سمعتها من قيادي سياسي عربي أول مرة ، كررها قيادي كردي قريب من موقع القرار ، فحفرت موقعها في ذاكرتي، أستشهد بها عند مداخلاتي في الرد على تخرصات البعض من الطائفيين والشوفينيين العرب ، عندما يخدشوا اﻷخوة العربية الكردية ، وللتأكيد على وحدة نضال عموم كيانات الشعب العراقي لمناهضة اﻷنظمة الرجعية والدكتاتورية ، التي توالت على العراق ، هذه الوحدة التي دفع فاتورة صيانتها والدفاع عنها الشعب العراقي بكل قومياته، حيث أختلطت دماء أبنائه من البشمركة واﻷنصار من مختلف مكونات نسيجه اﻷجتماعي ، في جبال ووديان كردستان ، كما أكد ذلك رئيس اﻷقليم مسعود البرزاني ،
لقد غذت الشوفينية والعنصرية الدوافع التي وقفت خلفها حروب اﻷنظمة العبثية ضد الشعب الكردي ، بينما في الوقت نفسه إستنهضت جماهير الشعب للتصدي لها وإعلان رفضها وشجبها ، فتعرضت للملاحقة واﻹعتقال والتعذيب ، لمجرد جمعهم، تواقيع نصرة أيقافها، أو التعبير عن إستنكارها ،لوحشية ما إستعمل بها من أدوات اﻷبادية الجماعية للجنس البشري ،كالسلاح الكيمياوي، ومع هذا لم يفل الكرد من حرصهم على صيانة اﻷخوة العربية الكردية، و وحدة تراب العراق ، فغلبوا المصالح الوطنية العليا ، على مصالحهم القومية ، وذهبوا بأرجلهم الى بغداد بعد السقوط ،(في الوقت الذي كانت تتمتع كردستان ، بكيان سياسي مستقل بعد حرب الخليج اﻷولى )، ينشدون بناء عراق ديمقراطي فدرالي موحد ، لكن هذا لم يرق ﻷعداء الوحدة الوطنية ولم يتماشى مع أجندات دول الجوار القريبة والبعيدة ، والتي كان يقلقها كيان عراق ديمقراطي فدرالي موحد يسوده اﻷمن واﻹستقرار
، حاليا تتصاعد نبرة القائمين على النظام ممن جاءوا بغفلة من الزمن وفرضوا أجنداتهم على العملية السياسية، بإعادة مقولات الحكام الرجعيين والدكتاتوريين، بإطلاق التصريحات الشوفينية والمقولات التهددية ﻷستفزاز مشاعر حريصي اﻷخوة العربية الكردية ، بعد أن جيروا مردودات التغيير لصالح أحزابهم وكتلهم الطائفية ، و إطمأنوا على مصالحهم الذاتية واﻷسرية، بدأوا بخنق العملية السياسية ، بالقفز على الدستور. وبشكل تدريجي ، ومما يؤسف له هو انصياع الكرد للنيات غير المعلنة لبعض القائمين على السلطة ببغداد من باب اﻷيمان بأن من ناضل ضد الدكتاتورية ، لا يمكن ان يتخلى عن المشروع الوطني، وأبدى البعض منهم المحابات والتساهل أو غض الطرف عن المواقف المتشنجة والمستفزة للمشاعر ، من أطراف قائمة على موقع القرار في الحكومة التي تمسكت بنهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية المقيت ، دون إتخاذ الحسم الآني في حينه ، حيث جرى تسويفها ، وخاصة فيما تعلق بتعديل الدستور أو خرق مواده، على قاعدة حملني وأحملك ، أدت الى تراكم ، وتصاعد حدة أزمات ، لازمت مسيرة العملية السياسية وبالتالي خنقها ، فسارت اﻷمور بعكس تيار اﻷفكار والمباديء التي تمناها الشعب العراقي من وراء إسقاط الدكتاتورية ، وزُرعت روح المعاداة بين مكونات النسيج العراقي ، بإفتعال أزمات ، ذات حجج واهية كان من شأنها الحاق اﻷذى باﻷصلاح وعملية التنمية اﻷقتصادية والبشرية ، محجبين الحق الدستوري للكرد بحصتهم من الميزانية المركزية( 17% ) ، مسبيبين عدم إستلام الموظفين والشغيلة لرواتبهم ، مما أوقف ذلك ، عملية التنمية اﻹقتصادية المتصاعدة في كردستان ، والتي كان من المفروض أن تفرحهم و تثير حفيظتهم بالنهوض بمثيلها في الوسط والجنوب . وبشكل ينطوي على عناد متعمد، تجراء البعض على إطلاق صفة الميليشيات على البشمركة واﻷنصار، و إنكار صفتها كقوة تحرر وطني ، تصدرت بالقتال لمناهضة اﻷنظمة التي ألحقت الضرر بمصالح الشعب وصادرت حرياته ، وتناسوا إحتضان الكرد ﻷحزابهم ، مقدمين لهم كل ما من شأنه مواصلة نضالهم وحرية حركتهم . وحاليا يُدفع بالكرد ﻷيجاد مخرج ، لما خلقوه من مشاكل ومعوقات أمام تطبيق المادة 140، و عندما وصل اﻷمر الى أقرار قانون النفط والغاز، الذي ينظم أستراجية عراقية ﻹستخراج النفط وتصديره ، وضع على الرف، لكونه سيحددة طرق وعمق اﻷختلاس والعملات على التعاقدات مع كرتيلات شركات النفط العالمية، و سبق ذلك تسويف، إجراء اﻷحصاء السكاني حتى تبقى مسألة التداخل السكاني والجغرافي قنبلة موقوتة تفجر عند الحاجة كل ذلك جعل من حق الكورد ، البحث عن أطر تتيح نيل حقوقهم وحل مشاكلهم ، وخاصة المالية، مع تأكيدهم أن أبوابهم مفتوحة على مصرعيها لدراسة سبل تمتين النظام الفدرالي، وحق تقرير المصير ضمن العراق اﻹتحادي،
لقد رفض المنفردون بالقرار مناشدة القوى الوطنية وميادرات الكرد من الجلوس على طاولة المفاوضات ضمن اﻷطر الدستورية، ﻷيجاد حلول ﻷيقاف التدهور الحاصل ووضع حد، ﻷختلاق اﻷزمات التي أوصلتنا الى من نحن علية الآن، فشعبنا العراقي بعربه وكرده وأقلياته القومية اﻷخرى مدعو الى كنس الرؤية الطائفية والمذهبية من نهج الحكم، والعودة الى وعي الروح الوطنية التي جعلت من أربيل مدينة حل المهام الصعبة التي يمر بها العراق كما مر سابقا، ﻹدراكها موقع المسؤولية العراقية والنظرة الموضوعية، لمصير العراق المهدد، الجميع بحاجة اليه موحدا ، ضمن رابطة الشراكة الوطنية الحقيقية البعيدة عن المحاصصة الطائفية، وذات نهج وطني يبني عراق ديمقراطي فدرالي موحد تسوده العدالة، و السلم اﻷجتماعي.