المنبرالحر

لعبة النصاب في مجلس النواب ..!/ علي فهد ياسين

لم يختلف اداء أعضاء البرلمان العراقي الجديد في دورته الاولى عن النهج الذي كان سائداً خلال الدورتين السابقتين في موضوعة التلاعب بالنصاب القانوني للجلسة لتعطيل انجاز الاستحقاقات الواجبة فيها وفق الدستور , رغم الظرف الأمني الخطير الذي يمر به العراق بعد سيطرة العصابات الأرهابية على أجزاء واسعة من البلاد , قبل أن يعلن زعيم داعش ( دولته الاسلامية ) بالتزامن مع جلسة البرلمان , والذي كان وحده ربما يشكل سبباً كافياً لضرورة انجاز السياسيين ( معضلة ) أختيار الرئاسات الثلاث ليضعوا القطار على سكة المواجهة المطلوبة من الجميع ضد داعش ومسانديها الاقليميون والدوليون بعد الاسناد العلني لها من قبل البعثيين والنقشبندية وباقي الفصائل المتوحدة ضد العراقيين منذ الاطاحة بدكتاتورية صدام في 2003 .
ان ماحدث في الجلسة الاولى للبرلمان هو استهتار علني بالمسؤوليات المحددة دستورياً للنواب , قبل أن يكون استهتاراً بدماء الشهداء وأموال الشعب , وقبل أن يكون سلوكاً يدعو للسخرية محلياً وعالمياً , في وقت يتهدد كيان العراق خطر الحرب الأهلية والتقسيم الطائفي والعرقي المفضي الى الفوضى والدمار , يستعرض نواب البرلمان قواهم في عرقلة الوصول الى النتائج من خلال التلاعب في النصاب القانوني للتصويت بعد انسحاب ( 100 ) نائب من كتل مختلفة كي يتم التأجيل الى موعد لايبدو قريباً , كي يبقى الحال على ماهو عليه رغم أن ذلك يصب في خدمة مخططات داعش وداعميها الدوليين .
لقد تخلف عن حضور الجلسة الأولى ( 73 ) نائباً ولم تعلن أسباب عدم حضورهم , مع أن الجلسة مخصصة لأداء ( اليمين القانوني ) , ومثل هذا الفعل ربما يضاف الى قائمة ( تفرّد ) البرلمان العراقي عن برلمانات العالم , ولم يُعلن الى الآن متى وأين وكيف سيؤدي هؤلاء المتغيبون لليمين , خاصة وأن ذلك لم تتضمنه اية مادة دستورية ,لأن كتبة الدستور ربما لم يخطر ببالهم أن البرلمانيون في العراق سيكونون بهذه النوعيات التي لايتوفر سابقاً لادائها على مستوى العالم .
لقد سبق وأثيرت اكثر من مرة موضوعة غياب النواب عن جلسات البرلمان بشكل مستمر مما أثر على نوع الاداء ومخرجاته , خاصة عندما تحوّل الى اسلوب لأدارة الصراع بين الكتل للوصول الى تقسيم المكاسب الحزبية والفئوية على حساب مصلحة الوطن وحقوق ابنائه , وقد أضطرت رئاسة البرلمان ( التي هي أحد اطراف الصراع ) الى الرضوخ للمطالبات الشعبية لمعاقبة البرلمانيين المتغيبين وأصدرت تعليمات بتغرييم الغائب مبلغ ( 500 ) الف دينار عن كل جلسة يتخلف عن حضورها دون عذر مشروع , لكن لاالنواب التزموا الحضور ولاالرئاسة نفذت تعليماتها , وما بدء به البرلمان في جلسته الاولى هذه المرة يشير الى أن ( لعبة النصاب ) اصبحت منهجاً أقرب الى القانوني للعابثين بمقدرات العراق والعراقيين .
أن بقاء الحال على ماهو عليه في الدورات السابقة رغم الاخطار الجسيمة التي تعصف بالبلاد لايمكن السكوت عليه , بعد أن تجاوز البرلمانيون كل الاعراف والاخلاقيات التي يفرضها الواجب الوطني قبل ان يلزمهم بها الدستور , وازاء ذلك مطلوب تحرك شعبي عام في العاصمة وبقية المحافظات , من خلال الاعتصامات والتظاهرات للفعاليات المدنية في الداخل والخارج , للفت نظر المجتمع الدولي وللمساهمة في أجبار هؤلاء المستهينين بآلام الشعب ودماء الابرياء على الالتزام بواجباتهم الدستورية وعملهم الوطني أو لتقديم استقالاتهم ليفسحوا المجال الى غيرهم ممن يحملون غيرة حقيقية على ابناء وطنهم وعلى مستقبل اجياله وكرامة مواطنيه