المنبرالحر

مناجاة .. يا رفيقي، يا رفيق الدرب الطويل، حسن سريع / نعيم الزهيري

اتعبني الليل بساعاته الطوال ، فأتعبته بالسهاد ؛ الا ايها الليل، مهما امتدت ساعاتك وتطاولت، ففي جفني من الأرق ما يكفيها او يزيد ! فاطبق بظلالك الثقيل على كل شيء ، لف بعباءتك القاتمة كل شيء ،حتى الغيوم والنجوم البسها ثوب الحداد ، مثل الحظ العاثر في دنيا الضجر ، افعل ما تريد فلا بُد لك من آخر ...
السكون يطبق على المدينة وتبقى المصابيح حزينة في وحدتها تحرس واجهات المتاجر المطلّـة على الشارع ، وتطبق جدران غرفتي عليّ َ بحنوّ ٍ وصمتْ ،ويبقى قلمي يثير دهشتها وفضولها ... كل شيء ساكن الأ القلم يلوّث احشاء الصفحات البيض بخرائط لا اوّل َ لها ولا آخر إنهــا : ذكريات خالدة ، وحديث مكتوم لم يصل حـدّ الشفاه ....
يا رفيقي الخالد
الليلة تهيج الذكريات ،الليلة ليلة العرس، الليلة ينفجر الغضب المقدس ، الليلة ترتفع هامات الرفاق كما ترتفع دوما في الارهاصات الثورية ، لكنها كانت نوعية ، انها ليست مطلبية وليست احتجاج او تضامن ، انها ارهاصة من نوع اخر كُتبت حروفها بالدم الاحمر القاني ، انها التصميم الاول لاستلام السلطة السياسية في العراق ، اليوم نصير مطارقا ، وليس سندانا ًتتكسر عليه المطارق وياما تكسرت .!! تعال يا رفيقي فالساعة تدنو من الثا نية عشرة منتصف الليل والرفاق يحتشدون في كوخ في كمب سارة الحي الكادح وليس في الفلل او القصور الفارهة ، تعال نوزع الادوار فالرفيق حافظ احضر مجموعة الاعلام ، واحضر الرفاق المدنيون البدلات العسكرية التي سيرتدونها ساعة التنفيذ .. كل يعرف مهامه ، ليس بيننا ضابط برتبة كبيرة . لم يأت ِ بريد التنفيذ من الخارج . لم يساعدنا احد من خارج الحدود فلا قطار امريكي ولا نقود بنكنوتية لا باون ولا دولار ، ولا حتي اذاعة او سلاح بور سعيــد ، سلاحنا بنادق سيمونوف محدودة العدد ، ليس لدينا طائرات ، متاعنا الغضب المقدس ، زادنا التصميم على تخليص شعبنا من الوحوش الذين جاؤا بقطار امريكي ..وتعاونت معه " القومية العروبية " والان لنرفع " استكان " النصر، استكان الشاي الاسود هو خمرة الثوار لنقسم يا رفاق بتربة الوطن ، بالكادحين ، بالدم الطاهر اساله الخونة ، باليتامى ، بالثكالى ، بالارامل ، بالثروة المنهوبة ان نطلع فجر المعدمين. سيذهب الرفيق عريبي محمد ذهب مع مجموعته الى تحرير السجناء في السجن العسكري رقم
( 1 )
سيذهب الرفيق حسيب الزهيري الى مقر عمله ويعطل بدالة المعسكرلعزله و لمنع الاتصالات
سيذهب كاظم زراك وجليل خرنوب مع مجموعتهما للسيطرة على باب المعسكر الشمالي
سيذهب الرفيق كاظم شنوار واثنين معه يحملون سلما ً لقطع اسلاك الهاتف
سيلتحق عبد الواحد الزهيري بمقر عمله في معسكر التاجي
سيلتحق مهتم الزهيري بمقر عمله في القوة الجوية بمعسكر الرشيد ويؤدي مهامه
سيلتحق مهدي غريب في مقر عمله في بدالة الحرية في سلمان باك
سيستلم الاخرون مهامهم الاخرى حسب الخطة المرسومة لهم ، عسكريون ومدنيون .
امــا قائد الانتفاضة الرفيق حسن سريع فسيكون في وحدته ،وحدة قطع المعادن ، ويستضيف مجموعة من المنفذين ، ويبدأ باعتقال الضابط الخفر ويسيطر على مشجب السلاح ويوزعه على الثوار ؛ ويطلق رصاصتنا الاولى ،من كل اطياف شعبنا الجريح :عرب ، مسيحيون ، اكراد ، صابئة مندائيون غيرهم ...
الجميع بين رأس عرفاء وعريف ونائب عريف وجندي اول ومدنيون ، وكلهم من ابناء الكادحين الذين يمتلئون ثورية واقداما وحميــــــّة .
وهكذا انفجر الغضب الخلا ّق وبدت خيوط الفجر الحمراء قانية في الافق الرحب ... لكنها لم تنتصر في تحقيق اهدافها ، بل سطرت ملحمة ً اخرى في البطولة والاقدام واضافته لتاريخ حزبنا والحركة الثوريــة العراقية ...
ستبقون يا رفاقنا ثوار انتفاضة الرشيد خالدون في قلوبنا ، خالدون في سجل الحركة الثورية العراقية ، وان فاتنا اليوم نصر ففي غــد ٍ لن يفوت وان تنوعت الطرق والمسالك والاساليب .....
يا رفيقي ، كما وعدتك ان اكتب ، إن كُتِبَت لي الحياة ، وقد اوفيت وعدي ؛ فانا اول من دوّن الحدث الهام، انا اول من نشر الاحداث ، انا اول من دون اسماء الشهداء ، انا اول من تصدى للتشويه انا رفيقكم يا رفاقي ثوار انتفاضة معسكر الرشيد في 3/7/1936 وعند عهدي في مواصلة المسيرة الثورية ما حُييت ...

المملكة الدنماركية/ مدينة ارهوس