المنبرالحر

اقتصاد الحرب والمعركة ضد الارهاب / ابراهيم المشهداني

يخوض العراق حربا ، ضد واحدة من اشد المنظمات الارهابية شراسة ، وخطر داعش المدعوم من دول خارجية وأجهزة مخابرات عالمية لا يواجه العراق وسوريا واليمن وليبيا فحسب بل يشكل خطرا على كافة دول العالم الامر الذي يتطلب تشكيل جبهة عالمية لدحره في هذه المنطقة وتجفيف منابعه .
وحربنا مع داعش وأخواتها ، التي تحمل اسماء وعناوين مختلفة ، وتستهدف تخريب العراق وتفتيت ارضه ، ونسيجه الاجتماعي ، وطمس تاريخه وثقافته ، تستلزم من بين امور عديدة، تتناسب مع هذا الخطر المحدق ، مراجعة الاستراتيجية الاقتصادية من منظور اقتصاديات الحرب . واقتصاد الحرب بالمنظور المعرفي هو مجموعة من التدابير التي تتخذها دولة او مجموعة من الدول لتحريك الاقتصاد في ظروف استمرارية حالة العنف. او انها اجراءات الطوارئ التي يتم اتخاذها من قبل الدول الحديثة لتعبئة اقتصادها للإنتاج خلال فترة الحرب.
وفي ظروف الحرب، يكون الانفاق العسكري مهيمنا على كل اشكال الانفاق بسبب تعاظم متطلبات الحرب مما يتطلب ادارة كفوءة في تعبئة الموارد وأوجه التصرف بها بعيدا عن الهدر المالي وكل اشكال الفساد . ومن الطبيعي ان اقتصاد الحرب لا ينبغي النظر اليه بوصفه فرعا مستقلا من فروع علم الاقتصاد بل من كونه اسلوبا مؤقتا في تحليل الانشطة العسكرية مرهونا بحالة الحرب وأمدها .
وانطلاقا من المفاهيم والمبادئ العامة التي تسترشد بها الدول في ظروف الحرب ومع تكيفيها بما يتلاءم مع خصوصية طبيعة الحرب مع الارهاب ذلك ان الاقتصاد في العراق يتسم بهيمنة الريع النفطي وغياب الدور الفعال للإنتاج الصناعي والزراعي وفيه الاقتصاد الموازي والسوق السوداء ،والتهريب والابتزاز ،وتحكم العصابات وتجار الحرب في التجارة والتوزيع وبروز قوى فاعلة تمتلك القوة والميليشيات والأموال استطاعت ان تستغل اقتصاد الحرب لتعزيز سيطرتها على موارد البلاد والتحكم بالجماهير المسحوقة .من هذا التوصيف يتطلب اقتصاد الحرب في العراق ، اتخاذ جملة من التدابير مترابطة مع بعضها ومنها كأولوية لا تحتمل التأجيل :
- مراجعة سياسة الانفاق الحكومي وخاصة في الموازنة الاتحادية التي يتطلب سرعة اقرار قانونها من قبل البرلمان الحالي ، من خلال ترشيد الاستهلاك الحكومي وذلك بالضغط على النفقات التشغيلية لاسيما الامتيازات الممنوحة لموظفي الرئاسات الثلاث والنواب وعدم التعرض لرواتب موظفي الدولة لأنها بالكاد تسد تكاليف المعيشة.
- وجود ادارة فاعلة لتخصيصات الوزارات المعنية وتشديد الرقابة على اوجه الصرف والتركيز على ما هو ضروري لتسيير عملها خلال فترة الحرب .
- تفعيل قانون التعرفة الكمركية وإخراجه من ادراج الحكومة .
- التأكيد على اكمال المشاريع الحكومية قيد الانجاز وخصوصا التي تلبي متطلبات المعركة .
- مراقبة حركة الاسعار لسلع الاستهلاك اليومي الضرورية والضرب بشدة على المتلاعبين بها من تجار الحرب .
- النظر في امكانية تفعيل قانون الخدمة العسكرية فيما يتعلق بالخدمة الاجبارية وفق توقيتات محدودة وإنهاء دور الميليشيات التي اصبحت عاملا معرقلا للعمليات العسكرية من اجل تحويل الانفاق عليها ، كما يجري الآن ، الى الجهد العسكري الحكومي ..