المنبرالحر

ساكو من النجف / قيس قاسم العجرش

المطران مار لويس ساكو يتحرّك بروح عراقيّة منقطعة النظير، ويفهم إبتداءً(على غير عادة رجال الدين التقليديين) أنّه يمثل تعايش طائفته بسلام ومحبّة قبل أن يمثل الطائفة نفسها، ساكو يمثل محاولة إنسانية للحل قبل أن تنجرف الإنسانية ويبقى التوق للثأر فقط.
رحلته الى النجف كانت رسالة الى السياسيين الذين لم يطلب من أحد منهم أي مساعدة أو أي موقف، بالأصل من المعيب على السياسي أو المسؤول أن ينتظر من رجال المجتمع أن يؤشروا له كارثة بحجم التهجير والقتل ومحاولة الإبادة التي يتعرض لها أطياف الشعب العراقي، إلا إن كان هذا المسؤول أعمى البصر والبصيرة.
المطران ساكو في النجف تخطّى مسؤولي الغفلة ومدّعي الوطنية بأميال كبيرة، حين تحدث عن التعايش والسلام والإنقاذ لكل الأطياف المُهددة(ولم يتحدث عن المسيحيين فقط). بل هو تولّى زمام المبادرة في الحركة والدعوة الدولية الى التدخل لمواجهة «داعش» ونشر السلام في ربوع العراق المُهدد وتقديم يد المساعدة لمليون نازح رحّلوا عن ديارهم، لأن شخصاً مثله يمثل مصدر ثقة دولية ولديه مكانة محترمة وسمعة وطنية معروفة وحين يتكلم باسم العراقيين كلهم لن يعترض عليه أحد، وهو ما لا يتمتع به عدد كبير من المسؤولين العراقيين حتى أولئك الذين مضى عليهم سنوات طويلة في التجوال بين العواصم ، لم يصنعوا علاقات محترمة تنفع العراق(بلدهم المفترض أن يمثلونه) حين يواجه كارثة أمنية مثل الخاصل حالياً.
الحركة داخل الوطن والتي تكون عابرة للأديان والطوائف ومستندة الى المواطنة وحق العيش بسلام هي وحدها التي تحاصر التطرف والتكفير، أما مواجهة التكفير بالأناشيد الحماسية والشعر الشعبي وتلفيق الأخبار(أو على الأقل إخفائها) فهو نوع من الفشل المقنع حتى على مستوى الرد الإعلامي.
الآن نستطيع تمييز نوعين من الجهد، الأول متخبط عشوائي يتسم برد الفعل الإنعاكسي المتأخر والثاني جهد يبني لمصالحة وتعايش وقبول وتآلف، صحيح ربما لن يثمر خلال أيام قليلة لكنه يؤسس لشيء متين، بينما كان متاحاً لكثير من السياسيين عبر سنوات أن يؤسسوا مثلما يسعى اليه المطران ساكو، وفشلوا...بامتياز.
نيافة المطران ..نتمنى لك النجاح ومثلك يستحق أن نراهن على جهده فليس لك مطمع شخصي ابداً، على العكس من آخرين يدّعون تمثيل مصالح طوائفهم.