المنبرالحر

صورة.. كلهم عاوزين الصورة! / طه رشيد

من منكم يتذكراغنية «صورة، صورة» للفنان الكبير الراحل عبد الحليم حافظ ؟ غناها قبل اكثر من نصف قرن اكراما للانجازات الكبيرة التي حققها الشعب المصري ، ومنها بناء السد العالي، الذي يحفظ المياه من الهدر ويجنب البلاد الفيضانات ويولد طاقة كهربائية تكفي لمصر والسودان ..ذلك السد الذي انجز في حينه بمساعدة الاتحاد السوفيتي، بينما لم يسانده البنك الدولي الذي رفض منح مصر القرض المطلوب فقام الرئيس الراحل عبد الناصر بتأميم قناة السويس ووفر المال والجهد لبناء السد!
لقد تحولت هذه الاغنية التي تقول كلماتها : « صورة صورة صورة/ كلنا كدة عايزين صورة/ صورة للشعب الفرحان تحت الراية المنصورة/ صورنا صورنا يا زمان/ ح نقرب من بعض كمان، إلى أن يقول: واللي ح يبعد م الميدان/ عمره ما يبان في الصورة.»، الى ما يشبه السلام الجمهوري حتى راح يرددها الصغار قبل الكبار .. ورغم مرور اكثر من نصف قرن على هذه الاغنية التي كتبها الشاعر صلاح جاهين ولحنها كمال الطويل واداها بشكل رائع الراحل عبد الحليم الا ان المتظاهرين في ميدان التحرير كان يرددونها يوميا في ثورة الشباب في 25 يناير .. لقد ظلت تحمل عطر الماضي الجميل من اجل مستقبل افضل .
وعلى ذكر الصورة نستذكر هنا ابداعات المصورين العراقيين في القرن الماضي وكيف حاولوا تسويق بضاعتهم من خلال التأكيد على اهمية الصورة في حياة الانسان ..فرفعوا لافتات مختلفة على واجهات محلاتهم او ستودياتهم من قبيل : الحياة فقاعة فصورها قبل ان تنفجر!
لكن هذه اللافتة حرفت هذه الايام على ايادي بعض سادتنا، وبعض شيوخنا، وبعض رموز عشائرنا، وبعض مسؤولينا، لتصبح: الحياة معركة فصورني قبل ان التحق !
اثناء الحملة الانتخابية الاخيرة ازدهرت تجارة الصورة وراح المسؤول اوالمرشح ،طبعا مو كلهم، لا يخرج لاي مكان دون ان تحف به العدسات من كل جانب وصار( صورني وانه ما ادري) هو المطلب الاساس لبعض المسؤولين ..اما اليوم وبعد ان دنست «داعش» ثلث مساحة العراق فقد راجت صور الملابس المرقطة وقد ارتداها الوزير والوكيل ورجل الدين ليدخلوا بها معارك مفترضة مصورة على الفيس بوك وليس على ارض المعركة الحقيقية.. كم كانت الملابس بالعمة او بدونها تبدو لافتة وكأننا نستعيد ايام «الزيتوني» السوداء ؟
سادتي الكرام لستم بحاجة الى صور لا تقدم ولا تؤخر على ارض الواقع .. نحن بحاجة الى صورة واحدة جماعية نابعة من حقيقة العراق الملون المزدهر بكل ابناءه من مختلف الطوائف والاقليات والاعراق نرهب بها عدو الله والوطن: داعش ومن لف لفها.