المنبرالحر

الحكومة الجديدة.. احتمالات / عبدالمنعم الاعسم

التصريحات وحدها غير كافية لكي يستند اليها المراقب في بناء تصوّر عن شكل ومنهج وسياسات حكومة حيدر العبادي، او في ما تختلف عنه حكومة انتخابات 2014 عن سابقتها حكومة انتخابات 2010 إلا في حدود القول بان وجوها جديدة ستحل محل وجوه تراجعت حظوظها بسبب ما احاط إداءها وسمعتها من بعض الطعون، وربما ستكون مناقلة الوجوه هي عنوان «التغيير» البارز في العهد الوزاري الجديد، فيما ستوضع شعارات ومفردات التغيير الاخرى التي رُوّجت في السباق الانتخابي على الرف، الى حين يقتضي مراعاة شكوى الجمهور أذا ما تململ خارج الانضباط.
ومن زاوية معينة، يجب ان نتوقع، في حال نجح العبادي في العبور بفريقه الحكومي القائم على «الشراكة» من بوابة البرلمان، بان الكثير من المواقف والسياسات السابقة ستكرر نفسها في اشكال معينة، والبعض الآخر سيخضع الى لمسات تجميل في مفاصل كانت ملتهبة، والبعض الثالث الى ما يشبه التغيير ليمتص الاعتراضات والشكاوى المبكرة في الشارع والمرجعيات الدينية والدول المجاورة، والبعض الرابع ما يبدو انه تغيير في سياق اتخاذ القرارات بالنظر لارتباطه بـ»ثوابت» نهج رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لم تكن مقبولة بسبب الاتهامات بالفردية والاستبداد.
ومن زاوية اخرى، يبدو ان هذا لا يعدو عن قراءة استباقية لاحتمالات تشكيل الحكومة المقبلة و إدائها، بموازاة احتمالات اخرى لا يجازف المراقب باسقاطها وتتصل بمصير هياكل تننفيذية (عسكرية وإدارية) ارتبطت بشخص المالكي، فيما يُسرّب مطبخ المفاوضات بين الفرقاء المعنيين المزيد من المعلومات و الاشارات و الايحاءات والاتفاقات المتضاربة التي تمس هذا الملف الحساس، ووجوب معالجته، ويدخل الكثير منها في باب التمنيات، والبعض منها في باب «الحقوق» و الاخيرة مفردة عدّها البعض من المعلقين (و انا منهم) بمثابة استفزاز لمشاعر المواطن، لذ تصبح للسياسي حقوقا في الهيئة التنفيذية فيما هي (نظريا في الاقل) واجبات ينبغي النهوض بها، ويذهب البعض من المشتغلين بتطييب الخواطر الى القول بان تلك الحقوق تعني حقوق الشرائح التي يمثلها السياسيون.
نحن نتحدث عن الاحتمالات، و احيانا عن تصورات، تصطدم في بيئة سياسية و امنية تضطرب انواؤها، وتتداخل عناصرها، وتتعقد اكثر فأكثر مفاتيح كشف النيات حتى ليبدو اننا بحاجة الى شيء من علم نفس الخوارق ، الباراسيكولوجي، لكشف النيات والظنون، والى المنجم المصري السيد الشيمي الذي تنبأ منذ وقت مبكر بوقوع نكسة 5 حزيران 1967 وحرب اكتوبر 1973 أو الى فروسية الكاهنة اليمنية «طريفة» التي أنبأت «عمر بن عام» أحد ملوك بلادها بزوال ملكه، وبخراب سد مأرب، و ايضا الى هواجس زرقاء اليمامة عن خطر داهم، فلم يصدقها أهلها.. فراحوا طُعما للضيوف، وهم نيام.
**********
« المياه الهادئة لا تصنع بالضرورة بحاراً آمنة»
همنغواي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينشر كل اسبوع بالتزامن مع جريدة (الاتحاد)