المنبرالحر

مترو بغداد مشروع استراتيجي / ابراهيم المشهداني

في مقال سابق تحدثنا عن اقتصاد الحرب واشرنا فيه الى ضرورة ترشيد الانفاق الحكومي الى الحد الاقصى وأيضا تقليص الانفاق الاستهلاكي العام ليكون باستطاعة الدولة مواجهة العمليات الارهابية واستعادة المحافظات التي استولى عليها داعش الارهابي، والقدرة على تلبية متطلبات اكثر من مليون نازح دون ان نقلل بأي وجه من الوجوه من الحاجة الى استمرارية التوجه لانجاز المشاريع الاستراتيجية التي تحدثت عنها الخطة الخمسية للأعوام 2013 - 2017 لأهميتها في عملية التنمية الاقتصادية المستدامة .
ومترو بغداد قصة لها بداية ولكن نهايتها لم ترتق بعد الى درجة اليقين .فقد بدأ هذا المشروع الاستراتيجي نظريا في عام 1981 وربما بدأت الفكرة قبل ذلك ليس لان هناك ازمة نقل قاتلة كما نراها اليوم ولكن من باب محاكاة الدول المتقدمة التي سبقتنا حينها بعشرات السنين، مترو موسكو مثلا تم انجازه في عام 1935 وهو من السعة والطاقة الاستيعابية ما قيل انه سيتحول الى ملجأ لأهالي موسكو في حال وقوع حرب ذرية بين الدولتين الكبريين في فترة الحرب الباردة . اما مترو بغداد فقد احيلت مرحلة الدراسات والتصميم الى احدى الشركات الفرنسية غير ان هذا الملف قد طواه النظام المقبور ووضعه على الرفوف العالية لانشغاله في حرب استهلكت كل القدرات المالية التي يملكها العراق وقتذاك.
بيد ان امانة بغداد بعد عام 2003 وتحديدا في عام 2007 بدأت تفكر في احياء هذا المشروع وإخراجه من قمقمه فأمين بغداد قد اعلن ان هذه السنة ستكون سنة المباشرة بتنفيذ المشروع ولا ندري لعلها نزوة اراد السيد الامين ان يلفت اليها الانتباه وإظهار جدية لم يسبقه احد من امناء العاصمة الذين سبقوه ثم عاد في عام 2008 ليعلن عن خطط لإنشاء المترو بكلفة 1، مليار دولار. لكن الحظ العاثر لهذا المشروع قاد اصحاب القرار مرة اخرى الى اعادة خزنه في احدى ادراج السيد الامين وبعد ست سنوات من التصريحات المتكررة داخل الامانة. تعود امانة بغداد في نيسان من عام 2013، لتعلن ان شركة سيستر الفرنسية قد باشرت بتطوير التصاميم القديمة لمشروع مترو بغداد وان هذه التصاميم ستنجز هذا العام من اجل البدء بالتنفيذ وستكون الكلفة التخمينية لهذا المشروع 7،5 مليار دولار وهكذا قفزت الكلفة خلال ستة سنوات بمقدار 6مليارات دولار وإذا صحت هذه التقديرات وهو رقم ليس بوسعنا تصديقه او تكذيبه بسبب تعدد الارقام لكننا اذا نظرنا الى المشروع من ناحيته الاقتصادية بإمكاننا الربت على اكتاف القائمين على هذا المشروع عندما يضعونه موضع التنفيذ بدون لف او دوران فان بغداد ولو بعد حين ستكون واحدة من العواصم العالمية التي يشار اليها بالبنان حيث ان فترة الانجاز النهائي ستستغرق خمس سنوات قد لا تتكحل عيون الآلاف برؤيته لكن ملايين الناس ستتلمس فوائده.
وعلى الرغم من حالة اليأس التي يشعر بها المواطنون بسبب التبريرات الكثيرة التي تسوقها الحكومة السابقة لما لديها من اولويات تتقدم على هذا المشروع ولكننا ونحن على ابواب تشكيل حكومة جديدة ننتظر منها النظر الى المستقبل بعين فاحصة مقترنة بالجدية والمثابرة. فإذا اضيف اليه مشروع القطار المعلق الذي طرحه محافظ بغداد التميمي استهلالا لفترة حكمه ، فان ازمة النقل في العاصمة بغداد ستكون شيئا من التاريخ وستكون بغداد قبلة للسواح ،وفي فترة وجيزة سيستعيد تكاليفه في حال فرض اجور منطقية لا تثقل كاهل مستخدمي المترو، كما مطبق في كافة العواصم ، بل يمكن القول ان الايرادات التي تأتي من هذا المشروع ستكون واحدة من مصادر تمويل الموازنات السنوية المهمة التي لا ينبغي ان يقتصر على الموارد البترولية. دون ان ننتقص والحال هذا من الدور الذي تلعبه طرق النقل الاخرى داخل المدن وخارجها وهي على العموم مشاريع يكمل بعضها بعضا. وتسهم اسهاما كبيرا في دعم الاقتصاد الوطني، وإستراتيجية التنمية المستدامة المؤجلة !